الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ [الطور: ٣٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَعِنْدَ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ خَزَائِنُ رَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ، فَهُمْ لِاسْتِغْنَائِهِمْ بِذَلِكَ عَنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ، أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: أَمْ هُمُ الْمُسَلَّطُونَ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: ﴿أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ﴾ [الطور: ٣٧] يَقُولُ: «الْمُسَلَّطُونَ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: أَمْ هُمُ الْمُنْزِلُونَ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنِي عَمِّي قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: ﴿أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ﴾ [الطور: ٣٧] قَالَ: «يَقُولُ أَمْ هُمُ الْمُنْزِلُونَ» -[٥٩٨]- وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: أَمْ هُمُ الْأَرْبَابُ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: يُقَالُ: سَيْطَرْتُ عَلَيَّ: أَيِ اتَّخَذْتَنِي خَوَلًا لَكَ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أَمْ هُمُ الْجَبَّارُونَ الْمُتَسَلِّطُونَ الْمُسْتَكْبِرُونَ عَلَى اللَّهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسَيْطِرَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْجَبَّارُ الْمُتَسَلِّطُ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾ [الغاشية: ٢٢] يَقُولُ: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ مُسَلَّطٍ