ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهَدًى وَرَحْمَةٌ﴾ [الجاثية: ٢٠] قَالَ: «الْقُرْآنُ» قَالَ: «هَذَا كُلُّهُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْقَلْبِ» قَالَ: «وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ فِي الْقَلْبِ» وَقَرَأَ ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: ٤٦] «وَلَيْسَ بِبَصَرِ الدُّنْيَا وَلَا بِسَمْعِهَا»
وَقَوْلُهُ: ﴿وَهَدًى﴾ [البقرة: ٩٧] يَقُولُ: وَرَشَادٌ ﴿وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [الجاثية: ٢٠] بِحَقِيقَةِ صِحَّةِ هَذَا الْقُرْآنِ، وَأَنَّهُ تَنْزِيلٌ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ وَخَصَّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْمُوقِنِينَ بِأَنَّهُ لَهُمْ بَصَائِرُ وَهَدًى وَرَحْمَةٌ، لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ انْتَفَعُوا بِهِ دُونَ مِنْ كَذَّبَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ، فَكَانَ عَلَيْهِ عَمًى وَلَهُ حُزْنًا
وَقَوْلُهُ: ﴿أَمْ حَسَبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ﴾ [الجاثية: ٢١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَمْ ظَنَّ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ مِنَ الْأَعْمَالِ فِي الدُّنْيَا، وَكَذَّبُوا رُسُلَ اللَّهِ، وَخَالَفُوا أَمْرَ رَبِّهِمْ، وعَبَدُوا غَيْرَهُ، أَنْ نَجْعَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، كَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا رُسُلَهُ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، فَأَطَاعُوا اللَّهَ، وَأَخْلَصُوا لَهُ الْعِبَادَةَ دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَنْدَادِ وَالْآلِهَةِ، -[٨٨]- كَلَّا مَا كَانَ اللَّهُ لِيَفْعَلَ ذَلِكَ، لَقَدْ مَيَّزَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ، فَجَعَلَ حِزْبَ الْإِيمَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَحِزْبَ الْكُفْرِ فِي السَّعِيرِ


الصفحة التالية
Icon