وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ﴾ [القمر: ١٤] قَالَ: «لِمَنْ كَانَ كَفَرَ فِيهِ» وَوَجَّهَ آخَرُونَ مَعْنَى «مَنْ» إِلَى مَعْنَى «مَا» فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَقَالُوا: مَعْنَى الْكَلَامِ: جَزَاءً لِمَا كَانَ كَفَرَ مِنْ أَيَادِي اللَّهِ وَنِعَمِهِ عِنْدَ الَّذِينَ أَهْلَكُهُمْ وَغَرَّقَهُمْ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ﴾ [القمر: ١٤] قَالَ: «لِمَنْ كَانَ كَفَرَ نِعَمَ اللَّهِ، وَكَفَرَ بِأَيَادِيهِ وَآلَائِهِ وَرُسُلِهِ وَكُتُبِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ جَزَاءً لَهُ» وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ مِنْ ذَلِكَ عِنْدِي مَا قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَهُوَ أَنَّ مَعْنَاهُ: فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ، وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا، فَغَرَّقْنَا قَوْمَ نُوحٍ، وَنَجَّيْنَا نُوحًا عِقَابًا مِنَ اللَّهِ وَثَوَابًا لِلَّذِي جَحَدَ وَكَفَرَ، لِأَنَّ مَعْنَى الْكُفْرِ: الْجُحُودُ، وَالَّذِي جَحَدَ أُلُوهَتَهُ وَوَحْدَانِيَّتَهُ قَوْمُ نُوحٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ﴿لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُواعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ [نوح: ٢٣] وَمَنْ ذَهَبَ بِهِ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، كَانَتْ مِنَ اللَّهِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: عُوقِبُوا لِلَّهِ وَلِكُفْرِهِمْ بِهِ وَلَوْ وَجَّهَ مُوَجِّهٌ إِلَى أَنَّهَا مُرَادٌ بِهَا نُوحٌ وَالْمُؤْمِنُونَ بِهِ كَانَ مَذْهَبًا، فَيَكُونُ مَعْنَى