وَقَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [المائدة: ١٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَكَذَّبُوا بِأَدِلَّتِهِ وَحُجَجِهِ، أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [الحديد: ٢٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: اعْلَمُوا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الْمُعَجَّلَةَ لَكُمْ، مَا هِيَ إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ تَتَفَكَّهُونَ بِهِ، وَزِينَةٌ تَتَزَيَّنُونَ بِهَا، وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ، يَفْخَرُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِمَا أَوْلَى فِيهَا مِنْ رِيَاشِهَا ﴿وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ﴾ [الحديد: ٢٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَيُبَاهِي بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِكَثْرَةِ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ﴿كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ﴾ [الحديد: ٢٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ثُمَّ يَيْبَسُ ذَلِكَ النَّبَاتِ ﴿فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا﴾ [الزمر: ٢١] بَعْدَ أَنْ كَانَ أَخْضَرَ نَضِرًا
وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا﴾ [الحديد: ٢٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ثُمَّ يَكُونُ ذَلِكَ النَّبَاتُ حُطَامًا، يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ يَكُونُ نَبْتًا يَابِسًا مُتَهَشِّمًا ﴿وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ [الحديد: ٢٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ لِلْكُفَّارِ ﴿وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ﴾ [الحديد: ٢٠] لِأَهْلِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ [الحديد: ٢٠] الْآيَةَ، يَقُولُ: «صَارَ النَّاسُ إِلَى هَذَيْنِ الْحَرْفَيْنِ فِي -[٤١٧]- الْآخِرَةِ» وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ﴾ [الحديد: ٢٠] ذَكَرَ مَا فِي الدُّنْيَا، وَأَنَّهُ عَلَى مَا وَصَفَ، وَأَمَّا الْآخِرَةُ فَإِنَّهَا إِمَّا عَذَابٌ، وَإِمَّا جَنَّةٌ قَالَ: وَالْوَاوُ فِيهِ وَأَوْ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ