ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾ [الحديد: ٢٢] يَقُولُ: «فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَخْلُقَهَا» وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي مَعْنَى ﴿فِي﴾ [الحديد: ٢٢] الَّتِي بَعْدَ قَوْلِهِ: ﴿إِلَّا﴾ [الحديد: ٢٢] فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: يُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ: إِلَّا هِيَ فِي كِتَابٍ، فَجَازَ فِيهِ الْإِضْمَارُ قَالَ: وَيَقُولُ: عِنْدِي هَذَا لَيْسَ إِلَّا يُرِيدُ إِلَّا هُوَ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْهُمْ، قَوْلَهُ: ﴿فِي كِتَابٍ﴾ [الحديد: ٢٢] مِنْ صِلَةِ مَا أَصَابَ، وَلَيْسَ إِضْمَارُ هُوَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ: لَيْسَ قَوْلُهُ عِنْدِي هَذَا لَيْسَ إِلَّا مِثْلَهُ، لِأَنَّ إِلَّا تَكْفِي مِنَ الْفِعْلِ، كَأَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ غَيْرُهُ
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحج: ٧٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ خَلْقَ النُّفُوسِ، وَإِحْصَاءَ مَا هِيَ لَاقِيَةٌ مِنَ الْمَصَائِبِ عَلَى اللَّهِ سَهْلٌ يَسِيرٌ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ [الحديد: ٢٣] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا أَصَابَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي أَمْوَالِكُمْ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ، إِلَّا فِي كِتَابٍ قَدْ كُتِبَ ذَلِكَ فِيهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَخْلُقَ نُفُوسَكُمْ ﴿لِكَيْلَا -[٤٢١]- تَأْسَوْا﴾ [الحديد: ٢٣] يَقُولُ: لِكَيْلَا تَحْزَنُوا ﴿عَلَى مَا فَاتَكُمْ﴾ [آل عمران: ١٥٣] مِنَ الدُّنْيَا، فَلَمْ تُدْرِكُوهُ مِنْهَا ﴿وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾ [الحديد: ٢٣] مِنْهَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿بِمَا آتَاكُمْ﴾ [الحديد: ٢٣] إِذَا مُدَّتِ الْأَلِفُ مِنْهَا: بِالَّذِي أَعْطَاكُمْ مِنْهَا رَبُّكُمْ وَمَلَّكَكُمْ وَخَوَّلَكُمْ؛ وَإِذَا قُصِرَتِ الْأَلِفُ، فَمَعْنَاهَا: بِالَّذِي جَاءَكُمْ مِنْهَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ