حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: ﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ [الحديد: ٢٥] «وَجُنَّةٌ وَسِلَاحٌ، وَأَنْزَلَهُ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ»
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلِهِ بِالْغَيْبِ﴾ [الحديد: ٢٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا إِلَى خَلْقِنَا وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لِيَعْدِلُوا بَيْنَهُمْ، وَلِيَعْلَمَ حِزْبُ اللَّهِ مَنْ يَنْصُرُ دِينَ اللَّهِ وَرُسُلَهَ بِالْغَيْبِ مِنْهُ عَنْهُمْ
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ قَوِيُّ عَزِيزٌ﴾ [الحديد: ٢٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ اللَّهَ قَوِيُّ عَلَى الِانْتِصَارِ مِمَّنْ بَارَزَهُ بِالْمُعَادَاةِ، وَخَالَفَ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، عَزِيزٌ فِي انْتِقَامِهِ مِنْهُمْ، لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى الِانْتِصَارِ مِنْهُ مِمَّا أَحَلَّ بِهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [الحديد: ٢٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا أَيُّهَا النَّاسُ نُوحًا إِلَى خَلْقِنَا، وَإِبْرَاهِيمَ خَلِيلَهُ إِلَيْهِمْ رُسُلًا ﴿وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾ [الحديد: ٢٦] وَكَذَلِكَ كَانَتِ النُّبُوَّةُ فِي ذُرِّيَّتِهِمَا، وَعَلَيْهِمْ أُنْزِلَتِ الْكُتُبُ: التَّوْرَاةُ، وَالْإِنْجِيلُ، وَالزَّبُورُ، وَالْفُرْقَانُ، وَسَائِرُ الْكُتُبِ الْمَعْرُوفَةِ ﴿فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ﴾ [الحديد: ٢٦] يَقُولُ: -[٤٢٧]- فَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُهْتَدٍ إِلَى الْحَقِّ مُسْتَبْصِرٌ ﴿وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ٦٦] يَعْنِي مِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا ﴿فَاسِقُونَ﴾ [المائدة: ٥٩] يَعْنِي ضُلَّالٌ، خَارِجُونَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ إِلَى مَعْصِيَتِهِ