حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ، يَقُولُ: " إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ صِيَامَ رَمَضَانَ، وَلَمْ يَكْتُبْ عَلَيْكُمْ قِيَامَهُ، وَإِنَّمَا الْقِيَامُ شَيْءٌ ابْتَدَعْتُمُوهُ، وَإِنَّ قَوْمًا ابْتَدَعُوا بِدْعَةً لَمْ يَكْتُبْهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ، ابْتَغَوْا بِهَا رِضْوَانَ اللَّهِ، فَلَمْ يَرْعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا، فَعَابَهُمُ اللَّهُ بِتَرْكِهَا، فَقَالَ: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾ [الحديد: ٢٧] " وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَرْعَوُا الرَّهْبَانِيَّةَ حَقَّ رِعَايَتِهَا بَعْضُ الطَّوَائِفِ الَّتِي ابْتَدَعَتْهَا، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ آتَى الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ؛ قَالَ: فَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَدْ رَعَاهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقَّ الْأَجْرِ الَّذِي قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ﴾ [الحديد: ٢٧] إِلَّا أَنَّ الَّذِينَ لَمْ يَرْعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا مُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ الَّذِينَ ابْتَدَعُوهَا، وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونُوا كَانُوا بَعْدَهُمْ، لِأَنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ إِذَا لَمْ يَكُونُوا رَعَوْهَا، فَجَائِزٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَنْ يُقَالَ: لَمْ يَرْعَهَا الْقَوْمُ عَلَى الْعُمُومِ وَالْمُرَادُ مِنْهُمُ الْبَعْضُ الْحَاضِرُ، وَقَدْ مَضَى نَظِيرُ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ
وَقَوْلُهُ: ﴿فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ﴾ [الحديد: ٢٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَأَعْطَيْنَا -[٤٣٤]- الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ابْتَدَعُوا الرَّهْبَانِيَّةَ ثَوَابَهُمْ عَلَى ابْتِغَائِهِمْ رِضْوَانَ اللَّهِ، وَإِيمَانِهِمْ بِهِ وَبِرَسُولِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ أَهْلُ مَعَاصٍ، وَخُرُوجٍ عَنْ طَاعَتِهِ، وَالْإِيمَانِ بِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ


الصفحة التالية
Icon