وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [المجادلة: ٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ثُمَّ يُخْبِرُ هَؤُلَاءِ الْمُتَنَاجِينَ وَغَيْرَهُمْ بِمَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ مِمَّا يُحِبُّهُ وَيَسْخَطُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. ﴿إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٍ﴾ [الأنفال: ٧٥] يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ بِنَجْوَاهُمْ وَأَسْرَارِهِمْ، وَسَرَائِرِ أَعْمَالِهِمْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهِمْ وَأُمُورِ عِبَادِهِ عَلِيمٌ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءِ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ﴾ [المجادلة: ٧] فَقَرَأَتْ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ ذَلِكَ ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى﴾ [المجادلة: ٧] بِالْيَاءِ، خَلَا أَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِئِ، فَإِنَّهُ قَرَأَهُ: (مَا تَكُونُ) بِالتَّاءِ. وَالْيَاءُ هِيَ الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَيْهَا، وَلِصِحَّتِهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى مِنَ الْيَهُودِ ثُمَّ يَعُودُونَ فَقَدْ نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُمْ عَنْهَا، وَيَتَنَاجَوْنَ بَيْنَهُمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، -[٤٧٠]- فِي قَوْلِهِ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى﴾ [المجادلة: ٨] قَالَ: الْيَهُودُ