كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، أَنَّ رَهْطًا مِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ وَوَدِيعَةُ وَمَالِكٌ ابْنَا نَوْفَلٍ وَسُوَيْدُ وَدَاعِسٌ، بَعَثُوا إِلَى بَنِي النَّضِيرِ أَنْ اثْبُتُوا وَتَمَنَّعُوا، فَإِنَّا لَنْ نُسْلِمَكُمْ، وَإِنْ قُوتِلْتُمْ قَاتَلْنَا مَعَكُمْ، وَإِنْ خَرَجْتُمْ خَرَجْنَا مَعَكُمْ، فَتَرَبَّصُوا لِذَلِكَ مِنْ نَصْرِهِمْ، فَلَمْ يَفْعَلُوا، وَكَانُوا قَدْ تَحَصَّنُوا فِي الْحُصُونِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَزَلَ بِهِمْ
وَقَوْلُهُ: ﴿فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا﴾ [الحشر: ٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَأَتَاهُمْ أَمْرُ اللَّهِ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا أَنَّهُ يَاتِيهِمْ، وَذَلِكَ الْأَمْرُ الَّذِي أَتَاهُمْ مِنَ اللَّهِ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا، قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ بِنُزُولِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمْ فِي أَصْحَابِهِ، يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾ [الأحزاب: ٢٦].
وَقَوْلُهُ: ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الحشر: ٢] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ﴾ [الحشر: ٢] بَنِي النَّضِيرِ مِنَ الْيَهُودِ، وَأَنَّهُمْ يُخْرِبُونَ مَسَاكِنَهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْظُرُونَ إِلَى الْخَشَبَةِ فِيمَا ذُكِرَ فِي مَنَازِلِهِمْ مِمَّا يَسْتَحْسِنُونَهُ، أَوِ الْعَمُودِ أَوِ -[٥٠١]- الْبَابِ، فَيَنْزِعُونَ ذَلِكَ مِنْهَا ﴿بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الحشر: ٢]. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.