الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَلْقَوْا فِي ذَلِكَ حَرْبًا، وَلَا كُلِّفُوا فِيهِ مَئُونَةً، وَإِنَّمَا كَانَ الْقَوْمُ مَعَهُمْ، وَفِي بَلَدِهِمْ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ إِيجَافُ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ﴾ [الحشر: ٦] الْآيَةُ، يَقُولُ: مَا قَطَعْتُمْ إِلَيْهَا وَادِيًا، وَلَا سِرْتُمْ إِلَيْهَا سَيْرًا، وَإِنَّمَا كَانَ حَوَائِطُ لِبَنِي النَّضِيرِ طُعْمَةً أَطْعَمَهَا اللَّهُ رَسُولَهُ، ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «أَيُّمَا قَرْيَةٍ أَعْطَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهَ، فَهِيَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَأَيُّمَا قَرْيَةٍ فَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ عَنْوَةً فَإِنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِرَسُولِهِ وَمَا بَقِيَ غَنِيمَةٌ لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا»
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ﴾ [الحشر: ٦] قَالَ: صَالَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ فَدَكٍ وَقُرًى قَدْ سَمَّاهَا لَا أَحْفَظُهَا، وَهُوَ مُحَاصِرٌ قَوْمًا آخَرِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ بِالصُّلْحِ، قَالَ: ﴿فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ﴾ [الحشر: ٦] يَقُولُ: بِغَيْرِ قِتَالٍ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَكَانَتْ بَنُو النَّضِيرِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِصَةً لَمْ يَفْتَحُوهَا عَنْوَةً، بَلْ عَلَى صُلْحٍ، فَقَسَمَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ لَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ مِنْهَا شَيْئًا، إِلَّا رَجُلَيْنِ كَانَتْ بِهِمَا حَاجَةٌ