سُورَةُ الْمُمْتَحِنَةِ مَدَنِيَّةٌ وَآيَاتُهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [الممتحنة: ١] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ يَعْنِي أَنْصَارًا.
وَقَوْلُهُ: ﴿تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾ [الممتحنة: ١] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: تُلْقَوْنَ إِلَيْهِمْ مَوَدَّتَكُمْ إِيَّاهُ. وَدُخُولُ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ: ﴿بِالْمَوَدَّةِ﴾ [الممتحنة: ١] وَسُقُوطُهَا سَوَاءٌ، نَظِيرُ قَوْلِ الْقَائِلِ: أُرِيدُ بِأَنْ تَذْهَبَ، وَأُرِيدُ أَنْ تَذْهَبَ سَوَاءٌ، وَكَقَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ﴾ [الحج: ٢٥] وَالْمَعْنَى: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ إِلْحَادًا بِظُلْمٍ؛ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الطويل]
فَلَمَّا رَجَتْ بِالشُّرْبِ هَزَّ لَهَا الْعَصَا | شَحِيحٌ لَهُ عِنْدَ الْإِزَاءِ نَهِيمُ |