حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجَمَلِيِّ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتِيَ مَكَّةَ، أَسَرَّ إِلَى نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ مَكَّةَ فِيهِمْ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ، وَأَفْشَى فِي النَّاسِ أَنَّهُ يُرِيدُ خَيْبَرَ، فَكَتَبَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُكُمْ قَالَ: فَبَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا مَرْثَدٍ وَلَيْسَ مِنَّا رَجُلٌ إِلَّا وَعِنْدَهُ فَرَسٌ، فَقَالَ: " ائْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بِهَا امْرَأَةً وَمَعَهَا كِتَابٌ، فَخُذُوهُ مِنْهَا؛ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى رَأَيْنَاهَا بِالْمَكَانِ الَّذِي ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَا: هَاتِي الْكِتَابَ، فَقَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ، فَوَضَعْنَا مَتَاعَهَا وَفَتَّشْنَا، فَلَمْ نَجِدْهُ فِي مَتَاعِهَا، فَقَالَ أَبُو مَرْثَدٍ: لَعَلَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهَا، فَقُلْتُ: مَا كَذَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا كُذِبَ، فَقُلْنَا: أَخْرِجِي الْكِتَابَ، وَإِلَّا عَرَّيْنَاكِ، قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ حُجْزَتِهَا وَقَالَ حَبِيبٌ: أَخْرَجَتْهُ مِنْ قُبُلِهَا فَأَتَيْنَا بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا الْكِتَابُ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، ائْذَنْ لِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَالَ -[٥٦١]- النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَيْسَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا؟» قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّهُ قَدْ نَكَثَ وَظَاهَرَ أَعْدَاءَكَ عَلَيْكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَلَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ". فَفَاضَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَأَرْسَلَ إِلَى حَاطِبٍ، فَقَالَ: «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟» فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ، وَكَانَ لِي بِهَا أَهْلٌ وَمَالٌ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِكَ أَحَدٌ إِلَّا وَلَهُ بِمَكَّةَ مَنْ يَمْنَعُ أَهْلُهُ مَالَهُ، فَكَتَبْتُ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ، وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي لَمُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ، فَلَا تَقُولُوا لِحَاطِبٍ إِلَّا خَيْرًا» فَقَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ﴾ [الممتحنة: ١] الْآيَةَ