حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ﴾ [الممتحنة: ٤] الْآيَةُ، ائْتَسُوا بِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، مَا خَلَا قَوْلِهِ لِأَبِيهِ: ﴿لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾ [الممتحنة: ٤] فَلَا تَأَتَسُوا بِذَلِكَ مِنْهُ، فَإِنَّهَا كَانَتْ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ﴾ [الممتحنة: ٤] يَقُولُ: لَا تَأْسُوا بِذَلِكَ فَإِنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ مَوْعِدًا، وَتَأَسُّوا بِأَمْرِهِ كُلِّهِ
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الممتحنة: ٤] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾ [الممتحنة: ٤] قَالَ: يَقُولُ: لَيْسَ لَكُمْ فِي هَذَا أُسْوَةٌ
وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الممتحنة: ٤] يَقُولُ: وَمَا أَدْفَعُ عَنْكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ عُقُوبَةٍ إِنِ اللَّهُ عَاقَبَكَ عَلَى كُفْرِكَ بِهِ، وَلَا أُغْنِي عَنْكَ مِنْهُ شَيْئًا.
وَقَوْلُهُ: ﴿رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا﴾ [الممتحنة: ٤] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ إِبْرَاهِيمَ وَأَنْبِيَائِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: ﴿رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا﴾ [الممتحنة: ٤] يَعْنِي: وَإِلَيْكَ رَجَعْنَا بِالتَّوْبَةِ مِمَّا تَكْرَهُ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى. ﴿وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ [البقرة: ٢٨٥] يَقُولُ: وَإِلَيْكَ مَصِيرُنَا وَمَرْجِعُنَا يَوْمَ تَبْعَثُنَا مِنْ قُبُورِنَا، وَتَحْشُرُنَا فِي الْقِيَامَةِ إِلَى مَوْقِفِ الْعَرْضِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا -[٥٦٩]- إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [الممتحنة: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ: يَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا بِكَ فَجَحَدُوا وَحْدَانِيَّتَكَ، وَعَبَدُوا غَيْرَكَ، بِأَنْ تُسَلِّطَهُمْ عَلَيْنَا، فَيَرَوْا أَنَّهُمْ عَلَى حَقٍّ، وَأَنَا عَلَى بَاطِلٍ، فَتَجْعَلُنَا بِذَلِكَ فِتْنَةً لَهُمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.