قَالَ ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: ثنا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَدِمَتْ قُتَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ سَعْدٍ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ حِسْلٍ عَلَى ابْنَتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِهَا مِنْ مُشْرِكِي مَكَّةَ مَنْ لَمْ يُقَاتِلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَمْ يُخْرِجُوهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ؛ قَالَ: وَنَسَخَ اللَّهُ ذَلِكَ بَعْدُ بِالْأَمْرِ بِقِتَالِهِمْ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ﴾ [الممتحنة: ٨] الْآيَةُ، فَقَالَ: هَذَا قَدْ نُسِخَ، نَسَخَهُ الْقِتَالُ، أُمِرُوا أَنْ يَرْجِعُوا إِلَيْهِمْ بِالسُّيُوفِ، وَيُجَاهِدُوهُمْ بِهَا، يَضْرِبُونَهُمْ، وَضَرَبَ اللَّهُ لَهُمْ أَجَلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، إِمَّا الْمُذَابَحَةُ، وَإِمَّا الْإِسْلَامُ
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ﴾ [الممتحنة: ٨] الْآيَةُ، قَالَ: نَسَخَتْهَا: اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ -[٥٧٤]- وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِذَلِكَ: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ﴾ [الممتحنة: ٨] مِنْ جَمِيعِ أَصْنَافِ الْمِلَلِ وَالْأَدْيَانِ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتَصِلُوهُمْ، وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَمَّ بِقَوْلِهِ: الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ جَمِيعَ مَنْ كَانَ ذَلِكَ صِفَتَهُ، فَلَمْ يُخَصِّصْ بِهِ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: ذَلِكَ مَنْسُوخٌ، لِأَنَّ بِرَّ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مِمَّنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَرَابَةُ نَسَبٍ، أَوْ مِمَّنْ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَلَا نَسَبٌ غَيْرُ مُحَرَّمٍ وَلَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ لَهُ، أَوْ لِأَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى عَوْرَةٍ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، أَوْ تَقْوِيَةٌ لَهُمْ بِكُرَاعٍ أَوْ سِلَاحٍ. قَدْ بَيَّنَ صِحَّةَ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ الْخَبَرُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي قِصَّةِ أَسْمَاءَ وَأُمِّهَا