وَقَوْلُهُ: ﴿قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٥٢] يَقُولُ: قَالُوا: نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ عَلَى مَا بَعَثَ بِهِ أَنْبِيَاءَهُ مِنَ الْحَقِّ.
وَقَوْلُهُ: ﴿فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ﴾ [الصف: ١٤] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِعِيسَى، وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَ عِيسَى إِلَى السَّمَاءِ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ فِي بَيْتٍ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنْ عَيْنٍ فِي الْبَيْتِ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً؛ قَالَ: فَقَالَ: إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ سَيَكْفُرُ بِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً بَعْدَ أَنْ آمَنَ بِي؛ قَالَ: ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمْ يُلْقَى عَلَيْهِ شَبَهِي فَيُقْتَلَ مَكَانِي، وَيَكُونَ مَعِي فِي دَرَجَتِي؟ قَالَ: فَقَامَ شَابٌّ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا، قَالَ: فَقَالَ أَنَا، فَقَالَ لَهُ: اجْلِسْ؛ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ، فَقَامَ الشَّابُّ، فَقَالَ أَنَا؛ قَالَ: نَعَمْ أَنْتَ ذَاكَ؛ فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَهُ عِيسَى، وَرُفِعَ عِيسَى مِنْ رَوْزَنَةٍ فِي الْبَيْتِ إِلَى السَّمَاءِ؛ قَالَ: وَجَاءَ الطَّلَبُ مِنَ الْيَهُودِ، وَأَخَذُوا شَبَهَهُ. فَقَتَلُوهُ وَصَلَبُوهُ، وَكَفَرَ بِهِ بَعْضُهُمْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً بَعْدَ أَنْ آمَنَ بِهِ، فَتَفَرَّقُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ، فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: كَانَ اللَّهُ فِينَا مَا شَاءَ، ثُمَّ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ، وَهَؤُلَاءِ الْيَعْقُوبِيَّةُ. -[٦٢٣]- وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: كَانَ فِينَا ابْنُ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ رَفَعَهُ إِلَيْهِ، وَهَؤُلَاءِ النَّسْطُورِيَّةُ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ. كَانَ فِينَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ مَا شَاءَ اللَّهِ، ثُمَّ رَفَعَهُ اللَّهِ إِلَيْهِ، وَهَؤُلَاءِ الْمُسْلِمُونَ، فَتَظَاهَرَتِ الطَّائِفَتَانِ الْكَافِرَتَانِ عَلَى الْمُسْلِمَةِ، فَقَتَلُوهَا، فَلَمْ يَزَلِ الْإِسْلَامُ طَامِسًا حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ﴿فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ﴾ [الصف: ١٤] مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، ﴿وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ﴾ [الصف: ١٤] يَعْنِي الطَّائِفَةَ الَّتِي كَفَرَتْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي زَمَنِ عِيسَى، وَالطَّائِفَةَ الَّتِي آمَنَتْ فِي زَمَنِ عِيسَى، ﴿فَأَيِّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ، فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ [الصف: ١٤] فِي إِظْهَارِ مُحَمَّدٍ عَلَى دِينِهِمْ دِينَ الْكُفَّارِ، فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ