وَقَوْلُهُ: ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [إبراهيم: ٤] يَقُولُ: وَاللَّهُ الْعَزِيزُ فِي انْتِقَامِهِ مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ مِنْهُمْ، الْحَكِيمُ فِي تَدْبِيرِهِ خَلْقَهُ.
وَقَوْلُهُ: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [المائدة: ٥٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَذَا الَّذِي فَعَلَ تَعَالَى ذِكْرُهُ مِنْ بَعَثَتِهِ فِي الْأُمِّيِّينَ مِنَ الْعَرَبِ، وَفِي آخَرِينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ، وَيَفْعَلُ سَائِرَ مَا وَصَفَ، فَضْلُ اللَّهِ تَفَضَّلَ بِهِ عَلَى هَؤُلَاءِ دُونَ غَيْرِهِمْ ﴿يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [آل عمران: ٧٣] يَقُولُ: يُؤْتِي فَضْلَهُ ذَلِكَ مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، لَا يَسْتَحِقُّ الذَّمَّ مِمَّنْ حَرَمَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهُ حَقًّا كَانَ لَهُ قَبْلَهُ وَلَا ظَلَمَهُ فِي صَرْفِهِ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَلَكِنَّهُ عَلِمَ مَنْ هُوَ لَهُ أَهْلٌ، فَأَوْدَعَهُ إِيَّاهُ، وَجَعَلَهُ عِنْدَهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنْ شَبِيبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [المائدة: ٥٤] قَالَ: الْفَضْلُ: الدِّينُ
﴿وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [البقرة: ١٠٥] يَقُولُ: اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ عَلَى عِبَادِهِ، الْمُحْسِنِ مِنْهُمْ وَالْمُسِيءِ، وَالَّذِينَ بَعَثَ فِيهِمُ الرَّسُولَ مِنْهُمْ وَغَيْرُهُمْ، ﴿الْعَظِيمِ﴾ [البقرة: ١٠٥] الَّذِي يَقِلُّ فَضْلَ كُلِّ ذِي فَضْلٍ عِنْدَهُ.