وَالشِّينِ إِلَى أَنَّهَا جَمْعُ خَشَبَةٍ، فَتُضَمُّ الشَّينِ مِنْهَا مَرَّةً وَتُسَكَّنُ أُخْرَى، كَمَا جَمَعُوا الْأَكَمَةَ أُكْمًا وَأُكُمًا بِضَمِّ الْأَلِفِ وَالْكَافِ مَرَّةً، وَتَسْكِينِ الْكَافِ مِنْهَا مَرَّةً، وَكَمَا قِيلَ: الْبُدْنُ وَالْبُدُنُ، بِضَمِّ الدَّالِ وَتَسْكِينِهَا لِجَمْعِ الْبَدَنَةِ، وَقَرَأَ ذَلِكَ الْأَعْمَشُ وَالْكِسَائِيُّ: (خُشْبٌ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَسُكُونِ الشِّينِ. وَلِلصَّوَابِ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ، وَلُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ، وَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ وَتَسْكِينُ الْأَوْسَطِ فِيمَا جَاءَ مِنْ جَمْعِ فُعُلَةٍ عَلَى فُعْلٍ فِي الْأَسْمَاءِ عَلَى أَلَسْنِ الْعَرَبِ أَكْثَرُو ذَلِكَ كَجَمْعِهِمُ الْبَدَنَةَ بُدْنًا، وَالْأَجَمَةَ أُجْمًا.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ﴾. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِذَا قِيلَ لِهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ: تَعَالَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ ﴿لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ﴾ يَقُولُ: حَرَّكُوهَا وَهَزُّوهَا اسْتِهْزَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِاسْتِغْفَارِهِ؛ وَبِتَشْدِيدِهَا الْوَاوَ مِنْ ﴿لَوَّوْا﴾ [المنافقون: ٥] قَرَأَتِ الْقُرَّاءُ عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَرَّرُوا هَزَّ رُءُوسِهِمْ وَتَحْرِيكِهَا، وَأَكْثَرُوا، إِلَّا نَافِعًا فَإِنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ بِتَخْفِيفِ الْوَاوِ: (لَوَوْا) عَلَى وَجْهِ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ قِرَاءَةُ مَنْ شَدَّدَ الْوَاوَ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ﴾ [المنافقون: ٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَرَأَيْتَهُمْ يُعْرِضُونَ عَمَّا دُعُوا إِلَيْهِ وُجُوهَهُمْ ﴿وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ﴾ [النحل: ٢٢] يَقُولُ: وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ


الصفحة التالية
Icon