وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [النحل: ١٢٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ رَبَّكَ يَا مُحَمَّدُ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ، كَضَلَالِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ عَنْ دِينِ اللَّهِ، وَطَرِيقِ الْهُدَى. ﴿وَهُو أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ يَقُولُ: وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى، فَاتَّبَعَ الْحَقَّ، وَأَقَرَّ بِهِ، كَمَا اهْتَدَيْتَ أَنْتَ فَاتَّبَعْتَ الْحَقَّ، وَهَذَا مِنْ مَعَارِيضِ الْكَلَامِ. وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ يَا مُحَمَّدُ بِكَ، وَأَنْتَ الْمُهْتَدِي وَبِقَوْمِكَ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ وَإِنَّهُمُ الضَّالُّونَ عَنْ سَبِيلِ الْحَقِّ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾ [القلم: ٩]-[١٥٦]- يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلَا تُطِعْ يَا مُحَمَّدُ الْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ [القلم: ٩]. اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَدَّ الْمُكَذِّبُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَوْ تَكْفُرُ بِاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ فَيَكْفُرُونَ.