حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ﴾ [الحشر: ٩] قَالَ: أَنْ يَعْمِدَ إِلَى مَالِ غَيْرِهِ فَيَأْكُلَهُ
وَقَوْلُهُ: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف: ٨] يَقُولُ: فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ وُقُوا شُحَّ أَنْفُسِهِمْ، الْمُنْجَحُونَ الَّذِينَ أَدْرَكُوا طِلْبَاتِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [التغابن: ١٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِنْ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَتُحْسِنُوا فِيهَا النَّفَقَةَ، وَتَحْتَسِبُوا بِإِنْفَاقِكُمُ الْأَجْرَ وَالثَّوَابَ يُضَاعِفْ ذَلِكَ لَكُمْ رَبُّكُمْ، فَيَجْعَلْ لَكُمْ مَكَانَ الْوَاحِدِ سَبْعَ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا يَشَاءُ مِنَ التَّضْعِيفِ ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ [الصف: ١٢] فَيَصْفَحْ لَكُمْ عَنْ عُقُوبَتِكُمْ عَلَيْهَا مَعَ تَضْعِيفِهِ نَفَقَتَكُمُ الَّتِي تُنْفِقُونَ فِي سَبِيلِهِ ﴿وَاللَّهُ شَكُورٌ﴾ [التغابن: ١٧] يَقُولُ: وَاللَّهُ ذُو شُكْرٍ لِأَهْلِ الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِهِ، بِحُسْنِ الْجَزَاءِ لَهُمْ عَلَى مَا أَنْفَقُوا فِي الدُّنْيَا فِي سَبِيلِهِ ﴿حَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٢٥] يَقُولُ: حَلِيمٌ عَنْ أَهْلِ مَعَاصِيهِ بِتَرْكِ مُعَاجَلَتِهِمْ بِعُقُوبَتِهِ. ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾ [الأنعام: ٧٣] يَقُولُ: عَالِمٌ مَا لَا تَرَاهُ أَعْيُنُ عِبَادِهِ وَيَغِيبُ عَنْ أَبْصَارِهِمْ وَمَا يُشَاهِدُونَهُ فَيَرَوْنَهُ بِأَبْصَارِهِمْ ﴿الْعَزِيزُ﴾ [البقرة: ١٢٩] يَعْنِي الشَّدِيدُ فِي انْتِقَامِهِ مِمَّنْ عَصَاهُ وَخَالَفَ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ ﴿الْحَكِيمُ﴾ [البقرة: ٣٢] فِي تَدْبِيرِهِ خَلْقَهُ، وَصَرْفِهِ إِيَّاهُمْ فِيمَا يُصْلِحُهُمْ.