وَمَكَّةَ خَلَا الْكِسَائِيَّ: ﴿وَمَنْ قَبْلَهُ﴾ [هود: ١٧] بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْبَاءِ، بِمَعْنَى: وَجَاءَ مَنْ قَبْلَ فِرْعَوْنَ مِنَ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ بِآيَاتِ اللَّهِ كَقَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ لُوطٍ بِالْخَطِيئَةِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْبَصْرَةِ وَالْكِسَائِيُّ: (وَمَنْ قِبَلَهُ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ، بِمَعْنَى: وَجَاءَ مَعَ فِرْعَوْنَ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ مِصْرَ مِنَ الْقِبْطِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ﴾ [الحاقة: ٩] يَقُولُ: وَالْقُرَى الَّتِي ائْتُفِكَتْ بِأَهْلِهَا فَصَارَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا. ﴿بِالْخَاطِئَةِ﴾ [الحاقة: ٩] يَعْنِي بِالْخَطِيئَةِ. وَكَانَتْ خَطِيئَتُهَا: إِتْيَانَهَا الذُّكْرَانَ فِي أَدْبَارِهِمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَالْمُؤْتَفِكَاتُ﴾ [التوبة: ٧٠] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ﴾ [الحاقة: ٩] قَرْيَةُ لُوطٍ. وَفِي بَعْضِ الْقِرَاءَةِ: «وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ مَعَهُ»
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَجَاءَ -[٢١٧]- فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ﴾ [الحاقة: ٩] قَالَ: الْمُؤْتَفِكَاتُ: قَوْمُ لُوطٍ، وَمَدِينَتُهُمْ وَزَرْعُهُمْ، وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى﴾ [النجم: ٥٣] قَالَ: أَهْوَاهَا مِنَ السَّمَاءِ: رَمَى بِهَا مِنَ السَّمَاءِ؛ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَاقْتَلَعَهَا مِنَ الْأَرْضِ، رَبَضَهَا وَمَدَينَتَهَا، ثُمَّ هَوَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ؛ ثُمَّ قَلَبَهُمْ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ أَتْبَعَهُمُ الصَّخْرَ حِجَارَةً، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً﴾ [هود: ٨٣] قَالَ: الْمُسَوَّمَةُ: الْمُعَدَّةُ لِلْعَذَابِ


الصفحة التالية
Icon