نَصْبٌ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الْهَاءِ، وَخَبَرُ إِنَّ: ﴿نَزَّاعَةٌ﴾ [المعارج: ١٦] قَالَ: وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ ﴿لَظَى﴾ [المعارج: ١٥] رَفْعًا عَلَى خَبَرِ إِنَّ، وَرَفَعْتَ ﴿نَزَّاعَةً﴾ [المعارج: ١٦] عَلَى الِابْتِدَاءِ. وَقَالَ بَعْضُ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتْبَعَ الظَّاهِرُ الْمُكَنَّى إِلَّا فِي الشُّذُوذِ؛ قَالَ: وَالِاخْتِيَارُ إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةٌ لِلشَّوَى لَظَى: الْخَبَرُ، وَنَزَّاعَةً: حَالٌ؛ قَالَ: وَمَنْ رَفَعَ اسْتأْنَفَ، لِأَنَّهُ مَدْحٌ أَوْ ذَمٌّ؛ قَالَ: وَلَا تَكُونُ ابْتِدَاءً إِلَّا كَذَلِكَ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا، أَنَّ لَظَى الْخَبَرُ، وَنَزَّاعَةً ابْتِدَاءٌ، فَذَلِكَ رَفْعٌ، وَلَا يَجُوزُ النَّصْبُ فِي الْقِرَاءَةِ لِإِجْمَاعِ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى رَفْعِهَا، وَلَا قَارِئَ قَرَأَ كَذَلِكَ بِالنَّصْبِ؛ وَإِنْ كَانَ لِلنَّصْبِ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَجْهٌ؛ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿إِنَّهَا﴾ [البقرة: ٦٨] عِمَادًا، وَلَظَى مَرْفُوعَةٌ بِـ «نَزَّاعَةً»، وَنَزَّاعَةٌ بِلَظَى، كَمَا يُقَالُ: إِنَّهَا هِنْدٌ قَائِمَةٌ، وَإِنَّهُ هِنْدٌ قَائِمَةً، فَالْهَاءُ عِمَادٌ فِي الْوَجْهَيْنِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾ [المعارج: ١٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ لَظَى إِنَّهَا تَنْزِعُ جِلْدَةَ الرَّأْسِ وَأَطْرَافَ الْبَدَنِ؛ وَالشَّوَى: جَمْعُ شَوَاةٍ، وَهِيَ مِنْ جَوَارِحِ الْإِنْسَانِ مَا لَمْ يَكُنْ مَقْتَلًا، يُقَالُ: رَمَى فَأَشْوَى: إِذَا لَمْ يُصِبْ مَقْتَلًا، فَرُبَّمَا وَصَفَ الْوَاصِفُ بِذَلِكَ جِلْدَةَ الرَّأْسِ كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
[البحر الكامل]
قَالَتْ قُتَيْلَةُ مَا لَهُ | قَدْ جُلِّلَتْ شَيْبًا شَوَاتُهْ |
عَبْلُ الشَّوَى نَهْدُ الْجُزَارَهْ
يَعْنِي بِذَلِكَ: قَوَائِمَهُ، وَأَصْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا وَصَفْتُ. -[٢٦٢]- وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.