ذَلِكَ بِالْوَحْيِ، وَجَعَلَ وَأَنْ لَوْ مُضْمَرَةً فِيهَا الْيَمِينُ عَلَى مَا وَصَفْتُ. وَأَمَّا نَافِعٌ فَإِنَّ مَا فُتِحَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ رَدَّهُ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿أُوحِيَ إِلَيَّ﴾ [الأنعام: ٩٣] وَمَا كَسَرَهُ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ الْجِنِّ. وَأَحَبُّ ذَلِكَ إِلَيَّ أَنْ أَقْرَأَ بِهِ الْفَتْحَ فِيمَا كَانَ وَحْيًا، وَالْكَسْرَ فِيمَا كَانَ مِنْ قَوْلِ الْجِنِّ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَفْصَحُهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَأَبْيَنُهَا فِي الْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَ لِلْقِرَاءَاتِ الْأُخَرِ وُجُوهٌ غَيْرُ مَدْفُوعَةٍ صِحَّتُهَا.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولُ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادوهُمْ رَهَقًا﴾ [الجن: ٥] يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ النَّفَرِ مِنَ الْجِنِّ الَّذِينَ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ ﴿وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا﴾ [الجن: ٤] وَهُوَ إِبْلِيسُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا﴾ [الجن: ٤] وَهُوَ إِبْلِيسُ
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْمَكِّيِّينَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا﴾ [الجن: ٤] قَالَ: إِبْلِيسُ
ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ: سَمِعْتُ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا سَجَدَ جَلَسَ، إِبْلِيسُ يَبْكِي يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ أُمِرَ بِالسُّجُودِ فَعَصَى، فَلَهُ النَّارُ، -[٣٢١]- وَأُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ، فَلَهُ الْجَنَّةُ