فَقَالُوا: إِنَّمَا أَرَادَ: لَا أَشْتُمُ وَلَا يَخْرُجُ، فَلَمَّا صَرَفَهَا إِلَى خَارِجٍ نَصَبَهَا، وَإِنَّمَا نُصِبَ لِأَنَّهُ أَرَادَ: عَاهَدْتُ رَبِّي لَا شَاتِمًا أَحَدًا، وَلَا خَارِجًا مِنْ فِيَّ زُورُ كَلَامِ؛ وَقَوْلُهُ: لَا أَشْتُمُ، فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ. وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّ الْبَصْرَةِ يَقُولُ: نُصِبَ عَلَى نَجْمَعُ: أَيْ بَلْ نَجْمَعُهَا قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي أَشْبَهُ بِالصِّحَّةِ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ كَلَّا لَا وَزَرَ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ﴾ [القيامة: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا يَجْهَلُ ابْنُ آدَمَ أَنَّ رَبَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَجْمَعَ عِظَامَهُ، وَلَكِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَمْضِيَ أَمَامَهُ قُدُمًا فِي مَعَاصِي اللَّهِ، لَا يُثْنِيهِ عَنْهَا شَيْءٌ، وَلَا يَتُوبُ مِنْهَا أَبَدًا، وَيُسَوِّفُ التَّوْبَةَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.