حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ﴾ [الإنسان: ١] قَالَ: آدَمُ
وَقَوْلُهُ: ﴿حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ﴾ [الإنسان: ١] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي قَدْرِ هَذَا الْحِينِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ أَرْبَعُونَ سَنَةً؛ وَقَالُوا: مَكَثَتْ طِينَةُ آدَمَ مُصَوَّرَةً لَا تُنْفَخُ فِيهَا الرُّوحُ أَرْبَعِينَ عَامًا، فَذَلِكَ قَدْرُ الْحِينِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؛ قَالُوا: وَلِذَلِكَ قِيلَ: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ [الإنسان: ١] لِأَنَّهُ أَتَى عَلَيْهِ وَهُوَ جِسْمٌ مُصَوَّرٌ لَمْ تَنْفُخْ فِيهِ الرُّوحُ أَرْبَعُونَ عَامًا، فَكَانَ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا.
قَالُوا: وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ [الإنسان: ١] لَمْ يَكُنْ شَيْئًا لَهُ نَبَاهَةٌ وَلَا رِفْعَةٌ، وَلَا شَرَفٌ، إِنَّمَا كَانَ طِينًا لَازِبًا وَحَمَأً مَسْنُونًا وَقَالَ آخَرُونَ: لَا حَدَّ لِلْحِينِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَقَدْ يَدْخُلُ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ أَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ، وَغَيْرُ مَفْهُومٍ فِي الْكَلَامِ أَنْ يُقَالَ: أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ قَبْلَ أَنْ يُوجَدَ، وَقَبْلَ أَنْ يَكُونَ شَيْئًا، وَإِذَا أُرِيدَ ذَلِكَ قِيلَ: أَتَى حِينٌ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ، وَلَمْ يَقُلْ أَتَى عَلَيْهِ. وَأَمَّا الدَّهْرُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَلَا حَدَّ لَهُ يُوقَفُ عَلَيْهِ.