حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، قَوْلُهُ: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ﴾ [الإنسان: ٧] قَالَ: فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَفِي الْكَلَامِ مَحْذُوفٌ اجْتُزِئَ بِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَهُوَ كَانَ ذَلِكَ. وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا، كَانُوا يُوفُونَ بِالنَّذْرِ، فَتَرَكَ ذِكْرَ كَانُوا لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا؛ وَالنَّذْرُ: هُوَ كُلُّ مَا أَوْجَبَهُ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ فِعْلٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَنْتَرَةَ:
[البحر الكامل]


وَقَوْلُهُ: ﴿وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾ [الإنسان: ٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَيَخَافُونَ عِقَابَ اللَّهِ بِتَرْكِهِمُ الْوَفَاءَ بِمَا نَذَرُوا لِلَّهِ مِنْ بِرٍّ فِي يَوْمٍ كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا، مُمْتَدًّا طَوِيلًا فَاشِيًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾ [الإنسان: ٧] اسْتَطَارُوا اللَّهَ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ حَتَّى مَلَأَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَمَّا رَجُلٌ يَقُولُ عَلَيْهِ نَذْرٌ أَنْ لَا يَصِلَ رَحِمًا، وَلَا يَتَصَدَّقَ، وَلَا يَصْنَعَ خَيْرًا، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ، وَيَأْتِيَ ذَلِكَ، -[٥٤٣]- وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ: اسْتَطَارَ الصَّدْعُ فِي الزُّجَاجَةِ وَاسْتَطَالَ: إِذَا امْتَدَّ، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْحَائِطِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:
[البحر المتقارب]
الشَّاتِمَيْ عِرْضِي وَلَمْ أَشْتُمْهُمَا وَالنَّاذِرِينَ إِذَا لَمَ الْقَهُمَا دَمِي
فَبَانَتْ وَقَدْ أَثْأَرَتْ فِي الْفُؤَا دِ صَدْعًا عَلَى نَأْيَهَا مُسْتَطِيرَا
يَعْنِي: مُمْتَدًّا فَاشِيًا


الصفحة التالية
Icon