ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا﴾ [الإنسان: ١٨] قَالَ: حَدِيدَةَ الْجِرْيَةِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ شِبْلٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: سَلِسَةَ الْجِرْيَةِ
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا﴾ [الإنسان: ١٨] حَدِيدَةَ الْجِرْيَةِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي مَعْنَى السَّلْسَبِيلِ وَفِي إِعْرَابِهِ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرةِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ سَلْسَبِيلًا صِفَةٌ لِلْعَيْنِ بِالتَّسَلْسُلِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا أَرَادَ عَيْنًا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا: أَيْ تُسَمَّى مِنْ طِيبِهَا السَّلْسَبِيلَ: أَيْ تُوصَفُ لِلنَّاسِ، كَمَا تَقُولُ: الْأَعْوَجِيُّ وَالْأَرْحَبِيُّ وَالْمُهْرِيُّ مِنَ الْإِبِلِ، وَكَمَا تُنْسَبُ الْخَيْلُ إِذَا -[٥٦٣]- وُصِفَتْ إِلَى الْخَيْلِ الْمَعْرُوفَةِ الْمَنْسُوبَةِ كَذَلِكَ تُنْسَبُ الْعَيْنُ إِلَى أَنَّهَا تُسَمَّى، لِأَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ عَلَى كَلَامِ الْعَرَبِ، قَالَ: وَأَنْشَدَنِي يُونُسُ:
[البحر الكامل]

صَفْرَاءُ مِنْ نَبْعٍ يُسَمَّى سَهْمُهَا مِنْ طُولِ مَا صَرَعَ الصُّيُودِ الصَّيِّبُ
فَرَفَعَ الصَّيِّبُ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يُسَمَّى بِالصَّيِّبِ، إِنَّمَا الصَّيِّبُ مِنْ صِفَةِ الِاسْمِ وَالسَّهْمِ. وَقَوْلُهُ: يُسَمَّى سَهْمُهَا أَيْ يُذْكَرُ سَهْمُهَا. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا، بَلْ هُوَ اسْمُ الْعَيْنِ، وَهُوَ مَعْرِفَةٌ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ رَأْسَ آيَةٍ، وَكَانَ مَفْتُوحًا، زِيدَتْ فِيهِ الْأَلِفُ، كَمَا قَالَ: كَانَتْ قَوَارِيرَا. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: السَّلْسَبِيلُ: نَعْتٌ أَرَادَ بِهِ سَلِسٌ فِي الْحَلْقِ، فَلِذَلِكَ حَرِيٌّ أَنْ تُسَمَّى بِسَلَاسَتِهَا. وَقَالَ آخَرُ مِنْهُمْ: ذَكَرُوا أَنَّ السَّلْسَبِيلَ اسْمٌ لِلْعَيْنِ، وَذَكَرُوا أَنَّهُ صِفَةٌ لِلْمَاءِ لِسَلَسِهِ وَعُذُوبَتِهِ؛ قَالَ: وَنَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ اسْمًا لِلْعَيْنِ لَكَانَ تَرْكُ الْإِجْرَاءِ فِيهِ أَكْثَرُ، وَلَمْ نَرَ أَحَدًا تَرَكَ إِجْرَاءَهَا وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُجْرِي مَا لَا يُجْرَى فِي الشِّعْرِ، كَمَا قَالَ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ:
[البحر الطويل]
فَمَا وَجْدُ أَظْآرٍ ثَلَاثٍ رَوَائِمٍ رَأَيْنَ مَخَرًّا مِنْ حُوَارٍ وَمَصْرَعَا
فَأَجْرَى رَوَائِمَ، وَهِيَ مِمَّا لَا يُجْرَى. -[٥٦٤]- وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا﴾ [الإنسان: ١٨] صِفَةٌ لِلْعَيْنِ، وُصِفَتْ بِالسَّلَاسَةِ فِي الْحَلْقِ، وَفِي حَالِ الْجَرْيِ، وَانْقِيَادِهَا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ يُصَرِّفُونَهَا حَيْثُ شَاءُوا، كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ. وَإِنَّمَا عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿تُسَمَّى﴾ [الإنسان: ١٨] تُوصَفُ. وَإِنَّمَا قُلْتُ ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ لِإِجْمَاعِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿سَلْسَبِيلًا﴾ [الإنسان: ١٨] صِفَةٌ لَا اسْمٌ


الصفحة التالية
Icon