حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: ﴿عُذْرًا أَوْ نُذْرًا﴾ [المرسلات: ٦] عُذْرًا لِلَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَنُذْرًا لِلْمُؤْمِنِينَ يَنْتَفِعُونَ بِهِ، وَيَأْخُذُونَ بِهِ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿عُذْرًا أَوْ نُذْرًا﴾ [المرسلات: ٦] يَعْنِي: الْمَلَائِكَةَ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ وَبَعْضُ الْمَكِّيِّينَ وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ: ﴿عُذْرًا﴾ [الكهف: ٧٦] بِالتَّخْفِيفِ، ﴿أَوْ نُذْرًا﴾ [المرسلات: ٦] بِالتَّثْقِيلِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَبَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ بِتَخْفِيفِهِمَا، وَقَرَأَهُ آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ بِتَثْقِيلِهِمَا وَالتَّخْفِيفُ فِيهِمَا أَعْجَبُ إِلَيَّ وَإِنْ لَمْ أَدْفَعْ صِحَّةَ التَّثْقِيلِ لِأَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ بِمَعْنَى الْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَارِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾ [المرسلات: ١]، إِنَّ الَّذِي تُوعَدُونَ أَيُّهَا النَّاسُ مِنَ الْأُمُورِ لَوَاقِعٌ، وَهُوَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ، يَعْنِي بِذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَا ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّهُ أَعَدَّ لِخَلْقِهِ يَوْمَئِذٍ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعَذَابِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ﴾ [المرسلات: ٨] يَقُولُ: فَإِذَا النُّجُومُ ذَهَبَ ضِيَاؤُهَا، فَلَمْ يَكُنْ -[٥٩١]- لَهَا نُورٌ وَلَا ضَوْءٌ. ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ﴾ [المرسلات: ٩] يَقُولُ: وَإِذَا السَّمَاءُ شُقِقَتْ وَصُدِعَتْ. ﴿وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ﴾ [المرسلات: ١٠] يَقُولُ: وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ مِنْ أَصْلِهَا، فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا. ﴿وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ [المرسلات: ١١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِذَا الرُّسُلُ أُجِّلَتْ لِلِاجْتِمَاعِ لِوَقْتِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.