ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، ؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿فِي قَرَارٍ مَكِينٍ﴾ [المؤمنون: ١٣] قَالَ: الرَّحِمُ
وَقَوْلُهُ: ﴿إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ [المرسلات: ٢٢] يَقُولُ: إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ لِخُرُوجِهِ مِنَ الرَّحِمِ عِنْدَ اللَّهِ. ﴿فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ﴾ [المرسلات: ٢٣]. اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ: ﴿فَقَدَّرْنَا﴾ [المرسلات: ٢٣] بِالتَّشْدِيدِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ بِالتَّخْفِيفِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ، وَإِنْ كُنْتُ أُوثِرُ التَّخْفِيفَ لِقَوْلِهِ: ﴿فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ﴾ [المرسلات: ٢٣] إِذْ كَانَتِ الْعَرَبُ قَدْ تَجْمَعُ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ، كَمَا قَالَ: ﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾ [الطارق: ١٧] فَجَمَعَ بَيْنَ التَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
[البحر البسيط]

وَأَنْكَرَتْنِي وَمَا كَانَ الَّذِي نَكِرَتْ مِنَ الْحَوَادِثِ إِلَّا الشَّيْبَ وَالصَّلَعَا
وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِي التَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ وَاحِدًا. فَإِنَّهُ مَحْكِيٌّ عَنِ الْعَرَبِ، قُدِرَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ، وقُدِّرَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ.


الصفحة التالية
Icon