الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾ [عبس: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى بِمَالِهِ. فَأَنْتَ لَهُ تَتَعَرَّضُ، رَجَاءَ أَنْ يُسْلِمَ
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، ﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى﴾ [عبس: ٦] قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْعَبَّاسِ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى﴾ [عبس: ٥] قَالَ: عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ
﴿وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى﴾ [عبس: ٧] يَقُولُ: وَأَيُّ شَيْءٍ عَلَيْكَ أَنْ لَا يَتَطَهَّرَ مِنْ كُفْرِهِ فَيُسْلِمَ؟
﴿وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى﴾ [عبس: ٩] يَقُولُ: وَأَمَّا هَذَا الْأَعْمَى الَّذِي جَاءَكَ سَعْيًا وَهُوَ يَخْشَى اللَّهَ وَيَتَّقِيهِ
﴿فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾ [عبس: ١٠] يَقُولُ: فَأَنْتَ عَنْهُ تُعْرِضُ، وَتَشَاغَلُ عَنْهُ بِغَيْرِهِ وَتَغَافَلُ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴾ [عبس: ١٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿كَلَّا﴾ [النساء: ١٣٠] مَا الْأَمْرُ كَمَا تَفْعَلُ يَا مُحَمَّدُ، مِنْ أَنْ تَعْبَسَ فِي وَجْهِ مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى، وَتَتَصَدَّى لِمَنِ اسْتَغْنَى
﴿إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ﴾ [عبس: ١١] يَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ الْعِظَةَ وَهَذِهِ السُّورَةَ ﴿تَذْكِرَةٌ﴾ [طه: ٣] يَقُولُ: عِظَةٌ وَعِبْرَةٌ.
﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ﴾ [المدثر: ٥٥]-[١٠٨]- يَقُولُ: فَمَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ ذَكَرَهُ، يَقُولُ: ذَكَرَ تَنْزِيلَ اللَّهِ وَوَحْيَهُ، وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ إِنَّهَا لِلسُّورَةِ، وَفِي قَوْلِهِ ذَكَرَهُ لِلتَّنْزِيلِ وَالْوَحْيِ