قَوْلُهُ: ﴿قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴾ [عبس: ١٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لُعِنَ الْإِنْسَانُ الْكَافِرُ مَا أَكْفَرَهُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ ﴿قُتِلَ الْإِنْسَانُ﴾ [عبس: ١٧] أَوْ فُعِلَ بِالْإِنْسَانِ، فَإِنَّمَا عُنِيَ بِهِ الْكَافِرُ
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، ﴿قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴾ [عبس: ١٧] بَلَغَنِي أَنَّهُ الْكَافِرُ وَفِي قَوْلِهِ: ﴿أَكْفَرَهُ﴾ [عبس: ١٧] وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: التَّعَجُّبُ مِنْ كُفْرِهِ، مَعَ إِحْسَانِ اللَّهِ إِلَيْهِ، وَأَيَادِيهِ عِنْدَهُ. وَالْآخَرُ: مَا الَّذِي أَكْفَرَهُ، أَيْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْفَرَهُ؟
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾ [عبس: ١٩]-[١١١]- يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَ الْإِنْسَانَ الْكَافِرَ رَبُّهُ حَتَّى يَتَكَبَّرَ. وَيَتَعَظَّمَ عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ، وَالْإِقْرَارِ بِتَوْحِيدِهِ ثُمَّ بَيَّنَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الَّذِي مِنْهُ خَلَقَهُ، فَقَالَ ﴿مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ﴾ [عبس: ١٩] أَحْوَالًا: نُطْفَةً تَارَةً، ثُمَّ عَلَقَةً أُخْرَى، ثُمَّ مُضْغَةً، إِلَى أَنْ أَتَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالُهُ، وَهُوَ فِي رَحِمِ أُمِّهِ ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ [عبس: ٢٠] يَقُولُ: ثُمَّ يَسَّرَهُ لِلسَّبِيلِ، يَعْنِي لِلطَّرِيقِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ فِي السَّبِيلِ الَّذِي يَسَّرَهُ لَهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ خُرُوجُهُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ


الصفحة التالية
Icon