وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ﴾ [عبس: ٢٢] يَقُولُ: ثُمَّ إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْشَرَهُ بَعْدَ مَمَاتِهِ وَأَحْيَاهُ، يُقَالُ: أَنْشَرَ اللَّهُ الْمَيِّتَ، بِمَعْنَى: أَحْيَاهُ، وَنَشَرَ الْمَيِّتَ بِمَعْنَى حَيِيَ هُوَ بِنَفْسِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:
[البحر السريع]
حَتَّى يَقُولَ النَّاسُ مِمَّا رَأَوْا | يَا عَجَبًا لِلْمَيِّتِ النَّاشِرِ |
وَقَوْلُهُ: ﴿كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾ [عبس: ٢٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: كَلَّا لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُ هَذَا الْإِنْسَانُ الْكَافِرُ، مِنْ أَنَّهُ قَدْ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ عَلَيْهِ، فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ ﴿لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾ [عبس: ٢٣] : لَمْ يُؤَدِّ مَا فَرَضَ عَلَيْهِ مِنَ الْفَرَائِضِ رَبُّهُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾ [عبس: ٢٣] قَالَ: لَا يَقْضِي أَحَدٌ أَبَدًا مَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْحَارِثُ: كُلَّ مَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِقَ غُلْبًا﴾ [عبس: ٢٥]-[١١٥]- يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلْيَنْظُرْ هَذَا الْإِنْسَانُ الْكَافِرُ الْمُنْكِرُ تَوْحِيدَ اللَّهِ إِلَى طَعَامِهِ كَيْفَ دَبَّرَهُ؟
الصفحة التالية