وَقَوْلُهُ: ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ﴾ [عبس: ٤٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَوُجُوهٌ وَهِيَ وُجُوهُ الْكُفَّارِ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ. ذُكِرَ أَنَّ الْبَهَائِمَ الَّتِي يُصَيِّرُهَا اللَّهُ تُرَابًا يَوْمَئِذٍ بَعْدَ الْقَضَاءِ بَيْنَهَا، يُحَوَّلُ ذَلِكَ التُّرَابُ غَبَرَةً فِي وُجُوهِ أَهْلِ الْكُفْرِ
﴿تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ﴾ [عبس: ٤١] يَقُولُ: يَغْشَى تِلْكَ الْوُجُوهَ قَتَرَةٌ، وَهِيَ الْغَبَرَةُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ﴾ [عبس: ٤١] يَقُولُ: تَغْشَاهَا ذِلَّةٌ
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ﴾ [عبس: ٤١] قَالَ: هَذِهِ وُجُوهُ أَهْلِ النَّارِ؛ قَالَ: وَالْقَتَرَةُ مِنَ الْغَبَرَةِ، قَالَ: وَهُمَا وَاحِدٌ؛ قَالَ: فَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ الْقَتَرَةَ: مَا ارْتَفَعَ، فَلَحِقَ بِالسَّمَاءِ، وَرَفَعَتْهُ الرِّيحُ، تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الْقَتَرَةَ، وَمَا كَانَ أَسْفَلَ فِي الْأَرْضِ فَهُوَ الْغَبَرَةُ
وَقَوْلُهُ: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ﴾ [عبس: ٤٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمُ الْكَفَرَةُ بِاللَّهِ، كَانُوا فِي الدُّنْيَا الْفَجَرَةَ فِي دِينِهِمْ، لَا يُبَالُونَ مَا أَتَوْا بِهِ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ، وَرَكِبُوا مِنْ مَحَارِمِهِ، فَجَزَاهُمُ اللَّهُ بِسُوءِ أَعْمَالِهِمْ مَا أَخْبَرَ بِهِ عِبَادَهُ