حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ﴾ [الانفطار: ٥] قَالَ: مَا قَدَّمَتْ: عَمِلَتْ، وَمَا أَخَّرَتْ: تَرَكَتْ وَضَيَّعَتْ، وَأَخَّرَتْ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ الَّذِي دَعَاهَا اللَّهُ إِلَيْهِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: مَا قَدَّمَتْ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، وَأَخَّرَتْ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، قَالَ: ذَكَرُوا عِنْدَهُ هَذِهِ الْآيَةَ ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ﴾ [الانفطار: ٥] قَالَ: أَنَا مِمَّا أَخَّرَ الْحَجَّاجَ وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا الْقَوْلَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، لِأَنَّ كُلَّ مَا عَمِلَ الْعَبْدُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ فَهُوَ مِمَّا قَدَّمَهُ، وَأَنَّ مَا ضَيَّعَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ عَلَيْهِ وَفَرَّطَ فِيهِ فَلَمْ يَعْمَلْهُ، فَهُوَ مِمَّا قَدْ قَدَّمَ مِنْ شَرٍّ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا أَخَّرَ مِنَ الْعَمَلِ، لِأَنَّ الْعَمَلَ هُوَ مَا عَمِلَهُ، فَأَمَّا مَا لَمْ يَعْمَلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ سَيِّئَةٌ قَدَّمَهَا، فَلِذَلِكَ قُلْنَا: مَا أَخَّرَ: هُوَ مَا سَنَّهُ مِنْ سُنَّةٍ حَسَنَةٍ وَسَيِّئَةٍ، مِمَّا إِذَا عَمِلَ بِهِ الْعَامِلُ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الْعَامِلِ بِهَا أَوْ وِزْرُهُ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي -[١٧٨]- خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ [الانفطار: ٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ الْكَافِرُ، أَيُّ شَيْءٍ غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ، غَرَّ الْإِنْسَانَ بِهِ عَدُوَّهُ الْمُسَلَّطُ عَلَيْهِ