وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ [الانفطار: ١٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا أَدْرَاكَ يَا مُحَمَّدُ، أَيْ وَمَا أَشْعَرَكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ؟ يَقُولُ: أَيُّ شَيْءٍ يَوْمُ الْحِسَابِ وَالْمُجَازَاةِ، مُعَظِّمًا شَأْنَهُ جَلَّ ذِكْرُهُ، بِقِيلِهِ ذَلِكَ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ [الانفطار: ١٧] تَعْظِيمًا لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، يَوْمَ تُدَانُ فِيهِ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ
وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ [الانفطار: ١٨] يَقُولُ: ثُمَّ أَيُّ شَيْءٍ أَشْعَرَكَ أَيُّ شَيْءٍ يَوْمُ الْمُجَازَاةِ وَالْحِسَابِ يَا مُحَمَّدُ، تَعْظِيمًا لَأَمْرِهِ. ثُمَّ فَسَّرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَعْضَ شَأْنِهِ فَقَالَ: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا﴾ [الانفطار: ١٩] يَقُولُ: ذَلِكَ الْيَوْمُ، يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ، يَقُولُ: يَوْمَ لَا تُغْنِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا، فَتَدْفَعُ عَنْهَا بَلِيَّةً نَزَلَتْ بِهَا، وَلَا تَنْفَعُهَا بِنَافِعَةٍ، وَقَدْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا تَحْمِيهَا، وَتَدْفَعُ عَنْهَا مَنْ بَغَاهَا سُوءًا، فَبَطَلَ ذَلِكَ يَوْمَئِذٍ، لِأَنَّ الْأَمْرَ صَارَ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَغْلِبُهُ غَالِبٌ، وَلَا يَقْهَرُهُ قَاهِرٌ، وَاضْمَحَلَّتْ هُنَالِكَ الْمَمَالِكُ، وَذَهَبَتِ الرِّيَاسَاتُ، وَحَصَلَ الْمُلْكُ لِلْمَلِكِ الْجَبَّارِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ [الانفطار: ١٩] يَقُولُ: وَالْأَمْرُ كُلُّهُ يَوْمَئِذٍ، يَعْنِي الدِّينَ لِلَّهِ دُونَ سَائِرِ خَلْقِهِ، لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ أَمْرٌ وَلَا نَهْيٌ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ