وَقَوْلُهُ: ﴿وَيَصْلَى سَعِيرًا﴾ [الانشقاق: ١٢] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالشَّامِ: (وَيُصَلَّى) بِضَمِّ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ، بِمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ يُصْلِيهِمْ تَصْلِيَةً بَعْدَ تَصْلِيَةٍ، وَإِنْضَاجَةً بَعْدَ إِنْضَاجَةٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ [النساء: ٥٦] وَاسْتَشْهَدُوا لِتَصْحِيحِ قِرَاءَتِهِمْ ذَلِكَ كَذَلِكَ، بِقَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ﴾ [الحاقة: ٣١] وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمَدَنِيِّينَ وَعَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ: ﴿وَيَصْلَى﴾ [الانشقاق: ١٢] بِفَتْحِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ، بِمَعْنَى: أَنَّهُمْ يَصْلَوْنَهَا وَيَرُدُّونَهَا، فَيَحْتَرِقُونَ فِيهَا، وَاسْتَشْهَدُوا لِتَصْحِيحِ قِرَاءَتِهِمْ ذَلِكَ كَذَلِكَ، بِقَوْلِ اللَّهِ: ﴿يَصْلَوْنَهَا﴾ [إبراهيم: ٢٩] وَ ﴿إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ١٦٣] وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي: أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾ [الانشقاق: ١٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ فِي الدُّنْيَا مَسْرُورًا، لَمَا فِيهِ مِنْ خِلَافِهِ أَمْرَ اللَّهِ، وَرُكُوبِهِ مَعَاصِيَهُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾ [الانشقاق: ١٣] : أَيْ فِي الدُّنْيَا


الصفحة التالية
Icon