ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثني عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَيْمَنَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْثِرُوا عَلَيَّ الصَّلَاةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ يَوْمٌ مَشْهُودٌ تَشْهَدُهُ الْمَلَائِكَةُ» وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَقْسَمَ بِشَاهِدٍ شَهِدَ، وَمَشْهُودٍ شُهِدَ، وَلَمْ يُخْبِرْنَا مَعَ إِقْسَامِهِ بِذَلِكَ أَيَّ شَاهِدٍ وَأَيَّ مَشْهُودٍ أَرَادَ، وَكُلُّ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَالُوا: هُوَ الْمَعْنِيُّ مِمَّا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُقَالَ لَهُ ﴿شَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ﴾ [البروج: ٣]
وَقَوْلُهُ: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ﴾ [البروج: ٤] يَقُولُ: لُعِنَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ. وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ﴾ [البروج: ٤] خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ عَنِ النَّارِ أَنَّهَا قَتَلَتْهُمْ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ مَنْ هُمْ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْمٌ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ مِنْ بَقَايَا الْمَجُوسِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى، قَالَ: لَمَّا رَجَعَ الْمُهَاجِرُونَ مِنْ بَعْضِ غَزَوَاتِهِمْ، بَلَغَهُمْ نَعْيُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رِضَى اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَيُّ الْأَحْكَامِ تَجْرِي فِي الْمَجُوسِ، وَإِنَّهُمْ لَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ، -[٢٧١]- وَلَيْسُوا مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رِضَى اللَّهُ عَنْهُ: " قَدْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ، وَقَدْ كَانَتِ الْخَمْرُ أُحِلَّتْ لَهُمْ، فَشَرِبَهَا مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِهِمْ، حَتَّى ثَمِلَ مِنْهَا، فَتَنَاوَلَ أُخْتَهُ فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُ السَّكَرُ قَالَ لَهَا: وَيْحَكِ، فَمَا الْمَخْرَجُ مِمَّا ابْتُلِيتُ بِهِ؟ فَقَالَتِ: اخْطُبِ النَّاسَ، فَقُلْ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ نِكَاحَ الْأَخَوَاتِ، فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ نِكَاحَ الْأَخَوَاتِ، فَقَالَ النَّاسُ: إِنَّا نَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، مَا أَتَانَا بِهِ نَبِيٌّ، وَلَا وَجَدْنَاهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَرَجَعَ إِلَيْهَا نَادِمًا، فَقَالَ لَهَا: وَيْحَكِ، إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَبَوْا عَلَيَّ أَنْ يُقِرُّوا بِذَلِكَ، فَقَالَتِ: ابْسُطْ عَلَيْهِمُ السِّيَاطَ، فَفَعَلَ، فَبَسَطَ عَلَيْهِمُ السِّيَاطَ، فَأَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا، فَرَجَعَ إِلَيْهَا نَادِمًا، فَقَالَ: إِنَّهُمْ أَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا، فَقَالَتِ: اخْطُبْهُمْ فَإِنْ أَبَوْا فَجَرِّدْ فِيهِمُ السَّيْفَ، فَفَعَلَ، فَأَبَى عَلَيْهِ النَّاسُ، فَقَالَ لَهَا: قَدْ أَبَى عَلَيَّ النَّاسُ، فَقَالَتْ: خُدَّ لَهُمُ الْأُخْدُودِ، ثُمَّ اعْرِضْ عَلَيْهَا أَهْلَ مَمْلَكَتِكَ، فَمَنْ أَقَرَّ، وَإِلَّا فَاقْذِفْهُ فِي النَّارِ، فَفَعَلَ، ثُمَّ عَرَضَ عَلَيْهَا أَهْلَ مَمْلَكَتِهِ، فَمَنْ لَمْ يُقِرَّ مِنْهُمْ قَذَفَهُ فِي النَّارِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ﴾ [البروج: ٥] إِلَى ﴿أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [البروج: ٨]، ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [البروج: ١٠] حَرَّقُوهُمْ ﴿ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾ [البروج: ١٠] فَلَمْ يَزَالُوا مُنْذُ ذَلِكَ يَسْتَحِلُّونَ نِكَاحَ الْأَخَوَاتِ وَالْبَنَاتِ وَالْأُمَّهَاتِ "