الْآخِرَةِ، وَالْأُخْدُودُ: الْحُفْرَةُ تُحْفَرُ فِي الْأَرْضِ
وَقَوْلُهُ: ﴿النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ﴾ [البروج: ٥] فَقَوْلُهُ النَّارِ: رُدَّ عَلَى الْأُخْدُودِ، وَلِذَلِكَ خُفِضَتْ، وَإِنَّمَا جَازَ رَدُّهَا عَلَيْهِ وَهِيَ غَيْرُهُ، لِأَنَّهَا كَانَتْ فِيهِ، فَكَأَنَّهَا إِذْ كَانَتْ فِيهِ هُوَ، فَجَرَى الْكَلَامُ عَلَيْهِ لِمَعْرِفَةِ الْمُخَاطَبِينَ بِهِ بِمَعْنَاهُ وَكَأَنَّهُ قِيلَ: قُتِلَ أَصْحَابُ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ. وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿ذَاتِ الْوَقُودِ﴾ [البروج: ٥] ذَاتِ الْحَطَبِ الْجَزْلِ، وَذَلِكَ إِذَا فُتِحَتِ الْوَاوُ، فَأَمَّا الْوُقُودُ بِضَمِّ الْوَاوِ، فَهُوَ الِاتِّقَادُ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [البروج: ٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ، إِذْ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ عَلَيْهَا، يَعْنِي عَلَى النَّارِ، فَقَالَ عَلَيْهَا، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ قُعُودٌ عَلَى حَافَةِ الْأُخْدُودِ، فَقِيلَ: عَلَى النَّارِ، وَالْمَعْنَى: لِشَفِيرِ الْأُخْدُودِ، لِمَعْرِفَةِ السَّامِعِينَ مَعْنَاهُ
وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: " ﴿النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ﴾ [البروج: ٦] يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُؤْمِنِينَ " وَهَذَا التَّأْوِيلُ الَّذِي تَأَوَّلَهُ قَتَادَةُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ: قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ مِنْ أَهْلِ الْأَيْمَانِ. وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ مِنْ تَأْوِيلِ ذَلِكَ غَيْرُ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي وَجَّهَ تَأْوِيلَهُ قَتَادَةُ قَبْلُ


الصفحة التالية
Icon