وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا﴾ [البروج: ١٠] يَقُولُ: ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا مِنْ كُفْرِهِمْ وَفِعْلِهِمُ الَّذِي فَعَلُوا بِالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ مِنْ أَجْلِ إِيمَانِهِمْ بِاللَّهِ ﴿فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ﴾ [البروج: ١٠] فِي الْآخِرَةِ ﴿وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾ [البروج: ١٠] فِي الدُّنْيَا
كَمَا حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، " ﴿فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ﴾ [البروج: ١٠] فِي الْآخِرَةِ ﴿وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾ [البروج: ١٠] فِي الدُّنْيَا "
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾ [البروج: ١٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ الَّذِينَ أَقَرُّوا بِتَوْحِيدِ اللَّهِ، وَهُمْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الَّذِينَ حَرَّقَهُمْ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ وَغَيْرَهُمْ مِنْ سَائِرِ أَهْلِ التَّوْحِيدِ
﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [البقرة: ٢٥] يَقُولُ: وَعَمِلُوا بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَائْتَمَرُوا لَأَمْرِهِ، وَانْتَهَوْا عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ
﴿لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [البقرة: ٢٥] يَقُولُ: لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عِنْدَ اللَّهِ بَسَاتِينُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالْخَمْرُ وَاللَّبَنُ وَالْعَسَلُ
﴿ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ﴾ [البروج: ١١] يَقُولُ: هَذَا الَّذِي هُوَ لِهَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْآخِرَةِ، هُوَ الظَّفَرُ الْكَبِيرُ بِمَا طَلَبُوا وَالْتَمَسُوا بِإِيمَانِهِمْ بِاللَّهِ فِي الدُّنْيَا، وَعَمَلِهِمْ بِمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ فِيهَا وَرَضِيَهُ مِنْهُمْ
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾ [البروج: ١٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ -[٢٨٢]- بَطْشَ رَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ لِمَنْ بَطَشَ بِهِ مِنْ خَلْقِهِ، وَهُوَ انْتِقَامُهُ مِمَّنِ انْتَقَمَ مِنْهُ لَشَدِيدٌ، وَهُوَ تَحْذِيرٌ مِنَ اللَّهِ لِقَوْمِ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يُحِلَّ بِهِمْ مِنْ عَذَابِهِ وَنِقْمَتِهِ، نَظِيرَ الَّذِي حَلَّ بِأَصْحَابِ الْأُخْدُودِ عَلَى كُفْرِهِمْ بِهِ، وَتَكْذِيبِهِمْ رَسُولَهُ، وَفِتْنَتِهِمُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ مِنْهُمْ