حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: " ﴿فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى﴾ [سورة: الأعلى، آية رقم: ٥] قَالَ: كَانَ بَقْلًا وَنَبَاتًا أَخْضَرَ، ثُمَّ هَاجَ فَيَبُسَ، فَصَارَ غُثَاءً أَحْوَى، تَذْهَبُ بِهِ الرِّيَاحُ وَالسُّيُولُ " وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمُؤَخَّرِ الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْدِيمُ، وَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى أَحْوَى: أَيْ أَخْضَرَ إِلَى السَّوَادِ، فَجَعَلَهُ غُثَاءً بَعْدَ ذَلِكَ، وَيَعْتَلُّ لِقَوْلِهِ ذَلِكَ بِقَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:
[البحر البسيط]

حَوَّاءُ قَرْحَاءُ أَشْرَاطِيَّةٌ وَكَفَتْ فِيهَا الذَّهَابُ وَحَفَّتْهَا الْبَرَاعِيمُ
وَهَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَدْفُوعٍ أَنْ يَكُونَ مَا اشْتَدَّتْ خُضْرَتُهُ مِنَ النَّبَاتِ، قَدْ تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ أَسْوَدَ، غَيْرَ صَوَابٍ عِنْدِي بِخِلَافِهِ تَأْوِيلُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِي أَنَّ الْحَرْفَ إِنَّمَا يَحْتَالُ لِمَعْنَاهُ الْمَخْرَجُ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَجْهٌ مَفْهُومٌ إِلَّا بِتَقْدِيمِهِ عَنْ مَوْضِعِهِ، أَوْ تَأْخِيرِهِ، فَإِمَّا وَلَهُ فِي مَوْضِعِهِ وَجْهٌ صَحِيحٌ فَلَا وَجْهَ لِطَلَبِ الِاحْتِيَالِ لِمَعْنَاهُ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَقَوْلُهُ: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ [سورة:] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ:


الصفحة التالية
Icon