حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿بِعَادٍ إِرَمَ﴾ [الفجر: ٧] الْهَلَاكُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ: أَرِمَ بَنُو فُلَانٍ: أَيْ هَلَكُوا وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ إِرَمَ إِمَّا بَلْدَةٌ كَانَتْ عَادٌ تَسْكُنُهَا، فَلِذَلِكَ رُدَّتْ عَلَى عَادٍ لِلِاتِّبَاعِ لَهَا، وَلَمْ يُجْرَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَإِمَّا اسْمُ قَبِيلَةٍ فَلَمْ يُجْرَ أَيْضًا، كَمَا لَا يُجْرَى أَسْمَاءُ الْقَبَائِلِ، كَتَمِيمٍ وَبَكْرٍ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إِذَا أَرَادُوا بِهِ الْقَبِيلَةَ. وَأَمَّا اسْمُ عَادٍ فَلَمْ يُجْرَ، إِذْ كَانَ اسْمًا أَعْجَمِيًّا فَأَمَّا مَا ذُكِرَ عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ: عُنِيَ بِذَلِكَ الْقَدِيمَةُ، فَقَوْلٌ لَا مَعْنَى لَهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعْنَاهُ لَكَانَ مَخْفُوضًا بِالتَّنْوِينِ، وَفِي تَرْكِ الْإِجْرَاءِ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِنَعْتٍ وَلَا صِفَةٍ وَأَشْبَهُ الْأَقْوَالِ فِيهِ بِالصَّوَابِ عِنْدِي: أَنَّهَا اسْمُ قَبِيلَةٍ مِنْ عَادٍ، وَلِذَلِكَ جَاءَتِ الْقِرَاءَةُ بِتَرْكِ إِضَافَةِ عَادٍ إِلَيْهَا، وَتَرْكُ إِجْرَائِهَا، كَمَا يُقَالُ: أَلَمْ تَرَ مَا فَعَلَ رَبُّكَ بِتَمِيمِ نَهْشَلَ؟ فَيُتْرَكَ إِجْرَاءُ نَهْشَلَ، وَهِيَ قَبِيلَةٌ، فَتَرَكَ إِجْرَاءَهَا لِذَلِكَ، وَهِيَ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ بِالرَّدِّ عَلَى تَمِيمٍ، وَلَوْ كَانَتْ إِرَمُ اسْمَ بَلْدَةٍ أَوِ اسْمَ جَدٍّ لِعَادٍ لَجَاءَتِ الْقِرَاءَةُ بِإِضَافَةِ عَادٍ إِلَيْهَا، كَمَا يُقَالُ: هَذَا عُمَرُ وَزُبَيْدٌ وَحَاتِمُ طَيِّئٍ وَأَعْشَى هَمْدَانَ، وَلَكِنَّهَا اسْمُ قَبِيلَةٍ مِنْهَا، فِيمَا أَرَى، كَمَا قَالَ قَتَادَةُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، فَلِذَلِكَ أَجْمَعَتِ الْقُرَّاءُ فِيهَا عَلَى تَرْكِ الْإِضَافَةِ، وَتَرْكِ الْإِجْرَاءِ
وَقَوْلُهُ: ﴿ذَاتِ الْعِمَادِ﴾ [الفجر: ٧] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿ذَاتِ -[٣٦٥]- الْعِمَادِ﴾ [الفجر: ٧] فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: ذَاتِ الطَّوْلِ، وَذَهَبُوا فِي ذَلِكَ إِلَى قَوْلِ الْعَرَبِ لِلرَّجُلِ الطَّوِيلِ: رَجُلٌ مُعَمَّدٌ، وَقَالُوا: كَانُوا طُوَالَ الْأَجْسَامِ