مِثْلُهَا إِنَّمَا هِيَ مِنْ ذِكْرِ ذَاتِ الْعِمَادِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَهَذَا قَوْلٌ لَا وَجْهَ لَهُ، لِأَنَّ الْعِمَادَ وَاحِدٌ مُذَكَّرٌ، وَالَّتِي لِلْأُنْثَى، وَلَا يُوصَفُ الْمُذَكَّرُ بِالَّتِي، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ صِفَةِ الْعِمَادِ لَقِيلَ: الَّذِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهُ فِي الْبِلَادِ، وَإِنْ جَعَلْتَ الَّتِي لِإِرَمَ، وَجَعَلْتَ الْهَاءَ عَائِدَةً فِي قَوْلِهِ: ﴿مِثْلُهَا﴾ [البقرة: ١٠٦] عَلَيْهَا؛ وَقِيلَ: هِيَ دِمَشْقُ أَوْ إِسْكَنْدَرِيَّةُ، فَإِنَّ بِلَادَ عَادٍ هِيَ الَّتِي وَصَفَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ﴾ [الأحقاف: ٢١] وَالْأَحْقَافُ: هِيَ جَمْعُ حِقْفٌ، وَهُوَ مَا انْعَطَفَ مِنَ الرَّمْلِ وَانْحَنَى، وَلَيْسَتِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةُ وَلَا دِمَشْقُ مِنْ بِلَادِ الرِّمَالِ، بَلْ ذَلِكَ الشِّحْرُ مِنْ بِلَادِ حَضْرَمَوْتَ، وَمَا وَالَاهَا
وَقَوْلُهُ: ﴿وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ﴾ يَقُولُ: وَبِثَمُودَ الَّذِي خَرَقُوا الصَّخْرَ وَدَخَلُوهُ، فَاتَّخَذُوهُ بُيُوتًا، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ﴿وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنَيْنَ﴾ [الحجر: ٨٢] وَالْعَرَبُ تَقُولُ: جَابَ فُلَانٌ الْفَلَاةَ يَجُوبُهَا جَوْبًا: إِذَا دَخَلَهَا وَقَطَعَهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةَ:
[البحر الطويل]

-[٣٦٩]- أَتَاكَ أَبُو لَيْلَى يَجُوبُ بِهِ الدُّجَى دُجَى اللَّيْلِ جَوَّابُ الْفَلَاةِ عَمِيمُ
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: يَجُوبُ: يَدْخُلُ وَيَقْطَعُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ


الصفحة التالية
Icon