وَقَوْلُهُ: ﴿الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ﴾ [الفجر: ١١] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿الَّذِينَ﴾ [الفاتحة: ٧] عَادًا وَثَمُودَ وَفِرْعَوْنَ وَجُنْدَهُ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿طَغَوْا﴾ [الفجر: ١١] تَجَاوَزُوا مَا أَبَاحَهُ لَهُمْ رَبُّهُمْ، وَعَتَوْا عَلَى رَبِّهِمْ إِلَى مَا حَظَرَهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْكُفْرِ بِهِ وَقَوْلِهِ ﴿فِي الْبِلَادِ﴾ [آل عمران: ١٩٦] الَّتِي كَانُوا فِيهَا
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ﴾ [الفجر: ١٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَأَكْثَرُوا فِي الْبِلَادِ الْمَعَاصِي، وَرُكُوبَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ﴿فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ﴾ [الفجر: ١٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَأَنْزَلَ بِهِمْ يَا مُحَمَّدُ رَبُّكَ عَذَابَهُ، وَأَحَلَّ بِهِمْ نِقْمَتَهُ، بِمَا أَفْسَدُوا فِي الْبِلَادِ، وَطَغَوْا عَلَى اللَّهِ فِيهَا. وَقِيلَ: فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ سَوْطَ عَذَابٍ وَإِنَّمَا كَانَتْ نِقَمًا تَنْزِلُ بِهِمْ، إِمَّا رِيحًا تُدَمِّرُهُمْ، وَإِمَّا رَجْفًا يُدَمْدِمُ عَلَيْهِمْ، وَإِمَّا غَرْقًا يُهْلِكُهُمْ، مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ بِسَوْطٍ وَلَا عَصًا، لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ أَلِيمِ عَذَابِ الْقَوْمِ الَّذِينَ خُوطِبُوا بِهَذَا الْقُرْآنِ، الْجَلْدُ بِالسِّيَاطِ، فَكَثُرَ اسْتِعْمَالُ الْقَوْمِ الْخَبَرَ عَنْ شِدَّةِ الْعَذَابِ الَّذِي يُعَذَّبُ بِهِ