حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَصَمُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يُعْتِقُ عَلَى الْإِسْلَامِ بِمَكَّةَ، فَكَانَ يُعْتِقُ عَجَائِزَ وَنِسَاءً إِذَا أَسْلَمْنَ، فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: أَيْ بُنَيَّ، أَرَاكَ تُعْتِقُ أُنَاسًا ضُعَفَاءَ، فَلَوْ أَنَّكَ أَعْتَقْتَ رِجَالًا جُلُدًا يَقُومُونَ مَعَكَ، وَيَمْنَعُونَكَ، وَيَدْفَعُونَ عَنْكَ، فَقَالَ: أَيْ أَبَتِ، إِنَّمَا أُرِيدُ، أَظُنُّهُ قَالَ: مَا عِنْدَ اللَّهِ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ بَيْتِي، أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أُنْزِلَتْ فِيهِ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ [الليل: ٦]
وَقَوْلُهُ: ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ [الليل: ٧] يَقُولُ: فَسَنُهَيِّئُهُ لِلْخَلَّةِ الْيُسْرَى، وَهِيَ الْعَمَلُ بِمَا يَرْضَاهُ اللَّهُ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا، لِيُوجِبَ لَهُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ الْجَنَّةَ
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى﴾ [الليل: ٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ بِالنَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَنَعَ مَا وَهَبَ اللَّهُ لَهُ مِنْ فَضْلِهِ، مِنْ صَرْفِهِ فِي الْوُجُوهِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِصَرْفِهِ فِيهَا، وَاسْتَغْنَى عَنْ رَبِّهِ، فَلَمْ يَرْغَبْ إِلَيْهِ بِالْعَمَلِ لَهُ بِطَاعَتِهِ، بِالزِّيَادَةِ فِيمَا خَوَّلَهُ مِنْ ذَلِكَ. -[٤٦٧]- وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ