ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً﴾ [البينة: ٢] «يَذْكُرُ الْقُرْآنَ بِأَحْسَنِ الذِّكْرِ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِأَحْسَنِ الثَّنَاءِ»
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ [البينة: ٤] يَقُولُ: وَمَا تَفَرَّقَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَذَّبُوا بِهِ، إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ، يَعْنِي: مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْ هَؤُلَاءِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى ﴿الْبَيِّنَةُ﴾ [البينة: ١] يَعْنِي. بَيَانَ أَمْرِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ رَسُولٌ بِإِرْسَالِ اللَّهِ إِيَّاهُ إِلَى خَلْقِهِ؛ يَقُولُ: فَلَمَّا بَعَثَهُ اللَّهُ تَفَرَّقُوا فِيهِ، فَكَذَّبَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَآمَنَ بَعْضُهُمْ، وَقَدْ كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ غَيْرَ مُفْتَرِقِينَ فِيهِ أَنَّهُ نَبِيٌّ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة: ٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا أَمَرَ اللَّهُ هَؤُلَاءِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ إِلَّا أَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ؛ يَقُولُ: مُفْرِدِينَ لَهُ الطَّاعَةَ، لَا يَخْلِطُونَ طَاعَتَهُمْ رَبَّهُمْ بِشِرْكٍ، فَأَشْرَكَتِ الْيَهُودُ بِرَبِّهَا بِقَوْلِهِمْ إِنَّ عُزَيْرًا ابْنُ اللَّهِ، وَالنَّصَارَى بِقَوْلِهِمْ فِي الْمَسِيحِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَجُحُودِهِمْ نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَوْلُهُ: ﴿حُنَفَاءَ﴾ [الحج: ٣١] قَدْ مَضَى بَيَانُنَا فِي مَعْنَى الْحَنِيفِيَّةِ قَبْلُ، بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَةِ عَنْ إِعَادَتِهَا، غَيْرَ أَنَّا نَذْكُرُ بَعْضَ مَا لَمْ نَذْكُرْ قَبْلُ مِنَ الْأَخْبَارِ فِي ذَلِكَ