حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَعْقُوبِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ، أَنَّهُ حَدَّثَ، أَنَّ أَوَّلَ مَا رُؤِيَتِ الْحَصْبَةُ وَالْجُدَرِيُّ بِأَرْضِ الْعَرَبِ ذَلِكَ الْعَامَ، وَأَنَّهُ أَوَّلُ مَا رُؤِيَ بِهَا مُرَارُ الشَّجَرِ: الْحَرْمَلُ وَالْحَنْظَلُ وَالْعُشَرُ ذَلِكَ الْعَامَ "
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: " ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾ [الفيل: ١] " أَقْبَلَ أَبْرَهَةُ الْأَشْرَمُ مِنَ الْحَبَشَةِ يَوْمًا وَمَنْ مَعَهُ مِنْ عِدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ، إِلَى بَيْتِ اللَّهِ لِيَهْدِمَهُ مِنْ أَجْلِ بِيعَةٍ لَهُمْ أَصَابَهَا الْعَرَبُ بِأَرْضِ الْيَمَنِ، فَأَقْبَلُوا بِفِيلِهِمْ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالصِّفَاحِ بَرَكَ؛ فَكَانُوا إِذَا وَجَّهُوهُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ أَلْقَى بِجِرَانِهِ الْأَرْضَ، وَإِذَا وَجَّهُوهُ إِلَى بِلَدِهِمِ انْطَلَقَ وَلَهُ هَرْوَلَةٌ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِنَخْلَةَ الْيَمَانِيَّةِ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ طَيْرًا بِيضًا أَبَابِيلَ. وَالْأَبَابِيلُ: الْكَثِيرَةُ، مَعَ كُلِّ طَيْرٍ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ: حَجَرَانِ فِي رِجْلَيْهِ، وَحَجَرٌ فِي مِنْقَارِهِ، فَجَعَلَتْ تَرْمِيهِمْ بِهَا حَتَّى جَعَلَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ؛ قَالَ: فَنَجَا أَبُو يَكْسُومٍ وَهُوَ أَبْرَهَةُ، فَجَعَلَ كُلَّمَا قَدِمَ أَرْضًا تَسَّاقَطَ بَعْضُ لَحْمِهِ، حَتَّى أَتَى قَوْمَهُ، فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ ثُمَّ هَلَكَ "
وَقَوْلُهُ: ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ [الفيل: ٥] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَجَعَلَ اللَّهُ أَصْحَابَ الْفِيلِ كَزَرْعٍ أَكَلَتْهُ الدَّوَابُّ فَرَاثَتْهُ، فَيَبِسَ وَتَفَرَّقَتْ أَجْزَاؤُهُ؛ شَبَّهُ تَقَطُّعَ -[٦٤٤]- أَوْصَالِهِمْ بِالْعُقُوبَةِ الَّتِي نَزَلَتْ بِهِمْ، وَتَفَرُّقَ آرَابِ أَبْدَانِهِمْ بِهَا، بِتَفَرُّقِ أَجْزَاءِ الرَّوْثِ، الَّذِي حَدَثَ عَنْ أَكْلِ الزَّرْعِ. وَقَدْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: الْعَصْفُ: هُوَ الْقِشْرُ الْخَارِجُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى حَبِّ الْحِنْطَةِ مِنْ خَارِجٍ، كَهَيْئَةِ الْغُلَافِ لَهَا.


الصفحة التالية
Icon