الشُّكْرِ لَهُ، عَلَى مَا أَعْلَمَهُ مِنَ النِّعْمَةِ الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ، بِإِعْطَائِهِ إِيَّاهُ الْكَوْثَرَ، فَلَمْ يَكُنْ لِخُصُوصِ بَعْضِ الصَّلَاةِ بِذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ، وَبَعْضِ النَّحْرِ دُونَ بَعْضٍ وَجْهٌ، إِذْ كَانَ حَثًّا عَلَى الشُّكْرِ عَلَى النِّعَمِ. فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذَنْ: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ الْكَوْثَرَ، إِنْعَامًا مِنَّا عَلَيْكَ بِهِ، وَتَكْرُمَةً مِنَّا لَكَ، فَأَخْلِصْ لِرَبِّكَ الْعِبَادَةَ، وَأَفْرِدْ لَهُ صَلَاتَكَ وَنُسُكَكَ، خِلَافًا لِمَا يَفْعَلُهُ مَنْ كَفَرَ بِهِ، وَعَبَدَ غَيْرَهُ، وَنَحَرَ لِلْأَوْثَانِ
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ [الكوثر: ٣] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ﴾ [الكوثر: ٣] إِنَّ مُبْغِضَكَ يَا مُحَمَّدُ وَعَدُوَّكَ ﴿هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ [الكوثر: ٣] يَعْنِي بِالْأَبْتَرِ: الْأَقَلَّ وَالْأَذَلَّ الْمُنْقَطِعَ دَابِرُهُ، الَّذِي لَا عَقِبَ لَهُ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنِيِّ بِذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِهِ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ [الكوثر: ٣] يَقُولُ: «عَدُوَّكَ»
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ [الكوثر: ٣] قَالَ: «هُوَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ»