تَعْبُدُ؟ فَقَالَ: هُوَ اللَّهُ، ثُمَّ قِيلَ لَهُ: فَمَا هُوَ؟ قَالَ: هُوَ أَحَدٌ. وَقَالَ آخَرُونَ ﴿أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١] بِمَعْنَى: وَاحِدٍ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ الْعِمَادُ مُسْتَأْنَفًا بِهِ، حَتَّى يَكُونَ قَبْلَهُ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الشَكَّ، كَظَنَّ وَأَخَوَاتِهَا، وَكَانَ وَذَوَاتِهَا، أَوْ إِنَّ وَمَا أَشْبَهَهَا، وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ أَشْبَهُ بِمَذَاهِبِ الْعَرَبِيَّةِ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ ﴿أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ [الإخلاص: ٢] بِتَنْوِينِ أَحَدٌ، سِوَى نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُمَا تَرْكُ التَّنْوِينِ: «أَحَدُ اللَّهُ» ؛ وَكَأَنَّ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، قَالَ: نُونُ الْإِعْرَابِ إِذَا اسْتَقْبَلَتْهَا الْأَلْفُ وَاللَّامُ أَوْ سَاكِنٌ مِنَ الْحُرُوفِ حُذِفَتْ أَحْيَانًا، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الخفيف]

كَيْفَ نَوْمِي عَلَى الْفِرَاشِ وَلَمَّا تَشْمَلِ الشَّامَ غَارَةٌ شَعْوَاءُ
تُذْهِلُ الشَّيْخَ عَنْ بَنِيهِ وَتُبْدِي عَنْ خِدَامِ الْعَقِيلَةُ الْعَذْرَاءُ
يُرِيدُ: عَنْ خِدَامٍ الْعَقِيلَةُ. وَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا: التَّنْوِينُ، لِمَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَفْصَحُ اللُّغَتَيْنِ، وَأَشْهُرُ الْكَلَامَيْنِ، وَأَجْوَدُهُمَا عِنْدَ الْعَرَبِ. وَالثَّانِي: إِجْمَاعُ الْحُجَّةِ مِنْ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى اخْتِيَارِ التَّنْوِينِ فِيهِ، فَفِي ذَلِكَ مُكْتَفًى عَنِ الِاسْتِشْهَادِ عَلَى صِحَّتِهِ بِغَيْرِهِ. وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى قَوْلِهِ أَحَدٌ فِيمَا مَضَى، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ


الصفحة التالية
Icon