حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ. فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ اسْتَعِيذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا، فَإِنَّ هَذَا الْغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ، أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَعِيذَ ﴿مِنْ شَرِّ غَاسِقٍ﴾ [الفلق: ٣] وَهُوَ الَّذِي يُظْلِمُ، يُقَالُ: قَدْ غَسَقَ اللَّيْلُ يَغْسُقُ غُسُوقًا: إِذَا أَظْلَمَ ﴿إِذَا وَقَبَ﴾ [الفلق: ٣] يَعْنِي: إِذَا دَخَلَ فِي ظَلَامِهِ؛ وَاللَّيْلُ إِذَا دَخَلَ فِي ظَلَامِهِ غَاسِقٌ، وَالنَّجْمُ إِذَا أَفَلَ غَاسِقٌ، وَالْقَمَرُ غَاسِقٌ إِذَا وَقَبَ، وَلَمْ يُخَصِّصْ بَعْضَ ذَلِكَ بَلْ عَمَّ الْأَمْرُ بِذَلِكَ، فَكُلٌّ غَاسِقٌ، فَإِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْمَرُ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ شَرِّهِ إِذَا وَقَبَ. وَكَانَ يَقُولُ فِي مَعْنَى وَقَبَ: ذَهَبَ
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ﴾ [الفلق: ٣] قَالَ: «إِذَا ذَهَبَ» وَلَسْتُ أَعْرِفُ مَا قَالَ قَتَادَةُ فِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، بَلِ الْمَعْرُوفُ مِنْ كَلَامِهَا مِنْ مَعْنَى وَقَبَ: دَخَلَ
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ [الفلق: ٤] يَقُولُ: وَمِنْ شَرِّ السَّوَاحِرِ اللَّاتِي يَنْفُثْنَ فِي عُقَدِ الْخَيْطِ، حِينَ يَرْقِينَ عَلَيْهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ