﴿وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ﴾ [الشعراء: ٩١] يَقُولُ: وَأُظْهِرَتِ الْجَحِيمُ، وَهِيَ نَارُ اللَّهِ لِمَنْ يَرَاهَا. يَقُولُ: لِأَبْصَارِ النَّاظِرِينَ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: ٣٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَأَمَّا مَنْ عَتَا عَلَى رَبِّهِ، وَعَصَاهُ وَاسْتَكْبَرَ عَنْ عِبَادَتِهِ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿طَغَى﴾ [النازعات: ٣٧] قَالَ: عَصَى
قَوْلِهِ: ﴿وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ [النازعات: ٣٨] يَقُولُ: وَآثَرَ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا عَلَى كَرَامَةِ الْآخِرَةِ، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ فِيهَا لِأَوْلِيَائِهِ، فَعَمِلَ لِلدُّنْيَا، وَسَعَى لَهَا، وَتَرَكَ الْعَمَلَ لِلْآخِرَةِ
﴿فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: ٣٩] يَقُولُ: فَإِنَّ نَارَ اللَّهِ الَّتِي اسْمُهَا الْجَحِيمُ، هِيَ مَنْزِلُهُ وَمَأْوَاهُ، وَمَصِيرُهُ الَّذِي يَصِيرُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى﴾ [النازعات: ٤٠] يَقُولُ: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَسْأَلَةَ اللَّهِ إِيَّاهُ عِنْدَ وُقُوفِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَاتَّقَاهُ، بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ، وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ ﴿وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى﴾ [النازعات: ٤٠] يَقُولُ: وَنَهَى نَفْسَهُ عَنْ هَوَاهَا فِيمَا يَكْرَهُهُ اللَّهُ، وَلَا يَرْضَاهُ مِنْهَا، فَزَجَرَهَا عَنْ ذَلِكَ، وَخَالَفَ هَوَاهَا إِلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَبُّهُ
﴿فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: ٤١] يَقُولُ: فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ مَأْوَاهُ وَمَنْزِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ -[٩٩]- وَقَدْ ذَكَرْنَا أَقْوَالَ أَهْلِ الْتَأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ﴾ [الرحمن: ٤٦] فِيمَا مَضَى، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ