فَإِنْ قَالَ: فَكَيْفَ يَكُونُ وَاحِدُ الْأُخَرِ أُخْرَى وَهِيَ صِفَةٌ لِلْيَوْمِ وَلَمْ يَكُنْ آخَرُ؟ قِيلَ: إِنَّ وَاحِدَ الْأَيَّامِ وَإِنْ كَانَ إِذَا نُعِتَ بِوَاحِدِ الْأُخَرِ فَهُوَ آخَرُ، فَإِنَّ الْأَيَّامَ فِي الْجَمْعِ تَصِيرُ إِلَى التَّأْنِيثِ، فَتَصِيرُ نُعُوتُهَا وَصِفَاتُهَا كَهَيْئَةِ صِفَاتِ الْمُؤَنَّثِ، كَمَا يُقَالُ: مَضَتِ الْأَيَّامُ جَمْعٌ، وَلَا يُقَالُ: أَجْمَعُونَ، وَلَا أَيَّامٌ آخَرُونَ. فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤] وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَكَ: فَعَلَيْهِ عِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ كَمَا قَدْ وَصَفْتُ فِيمَا مَضَى. فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ تَأْوِيلَهُ، فَمَا قَوْلُكَ فِيمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَصَامَ الشَّهْرَ وَهُوَ مِمَّنْ لَهُ الْإِفْطَارُ، أَيَجْزِيهِ ذَلِكَ مِنْ صِيَامِ عِدَّةٍ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، أَوْ غَيْرِ مُجْزِيهِ ذَلِكَ؟ وَفَرْضُ صَوْمِ عِدَّةٍ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ثَابِتٌ عَلَيْهِ بِهِيئَتِهِ وَإِنْ صَامَ الشَّهْرَ كُلَّهُ، وَهَلْ لِمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ، أَمْ ذَلِكَ مَحْظُورٌ عَلَيْهِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُ صَوْمُهُ، وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْإِفْطَارُ فِيهِ حَتَّى يُقِيمَ هَذَا وَيَبْرَأَ هَذَا؟ قِيلَ: قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي كُلِّ ذَلِكَ، وَنَحْنُ ذَاكِرُو اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ، وَمُخْبِرُونَ بِأَوْلَاهُ بِالصَّوَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْإِفْطَارُ فِي الْمَرَضِ عَزْمَةٌ مِنَ اللَّهِ وَاجِبَةٌ، وَلَيْسَ بِتَرْخِيصٍ


الصفحة التالية
Icon